بمناسبة اليوم العالمي للشعر الذي احتفل به العالم، أمس (21 مارس من كل عام)، نقدم للقارئ باقة من الشعر العالمي، الذي يعد تعبيرا عميقا عن الفكر الإنساني الموغل في الفن والجمال والغموض. وكذلك صيغة لغوية وجمالية للحوار والتوصل والتقارب والسلام. الشاعرة البولندية فيسوافا شيمبورسكا العميان يتلو شاعر قصائده على العميان. لم يخطر بباله أن الأمر سيكون عسيرا. صوته يضطرب، يداه ترتجفان. يحس كيف أخضع كل جملة، إلى اختبار الظلمات. يجب أن تتدبر القصيدة نفسها، بلا أنوار، بلا ألوان. تجربة خطرة لنجوم القصيدة، للفجر، لقوس قزح، لسير الغمام، لأضواء النيون، لضوء القمر، لبريق السمك الفضي داخل الماء، لطيران النسر الصامت في الأعالي. يتلو الشاعر – فات الأوان للتوقف. طفل ذو السترة الصفراء في البراري الخضراء في عمق الوادي سطوح حمراء، بلا عدد. زوبعة أرقام اللاعبين. يريد فعلا أن يصمت – لكن هذا مستحيل. الدهاقنة المصطفون تحت سقيفة الكنيسة إشارات الوداع المتبادلة من نافذة القطار عدسات المجهر، وميض الخاتم. السينما، المرايا، الصور في الألبوم. لكن العميان طيبون جدا، لبقون ومتسامحون. يصغون مبتسمين، ومصفقين. هناك أيضا من جاء لمصافحة الشاعر وفي كفه كتاب مفتوح كي يطلب توقيعا لا مرئيا. الشاعر الروسي جوسيف برودسكي إلى ذكرى فيديا دوبروفولسكي سوف نواصل الحياة سنقرأ أبياتنا الشعرية سنتأمل النجوم على أغلفة المجلات. سنترقب عن كثب أصدقاءنا حينما يعودون من المدينة على متن الترام المتأرجح والمتجمد. سوف نواصل الحياة أحيانا نرى الأشجار التي تحمل بيديها السوداء العارية عبء الفضاء اللانهائي أو تتحطم تحت ثقل النجوم وتضيع خلال الليل في أرض الأحلام سنرى الأشجار المحطمة على الأرض. ثم نواصل الحياة. الشاعر الروماني لوتشيان بلاغا إلى القارئ هنا بيتي، وهناك الشمس وحديقة النحل إذا عبرت ونظرت من بين قضبان الباب انتظر حتى أحدثك. من أين سأبدأ؟ صدقوني، صدقوني، يمكن أن نتحدث عن كل شيء وأي شيء: عن مصير، ثعبان الخير، عن من يحرثون حدائق الرجال، وفوق كل شيء، العبور العظيم. لكن الكلمات ليست سوى عبرات للذين طالما رغبوا البكاء، لكنه لم يتمكنوا كم هي حزينة هذه الكلمات لهذا، اسمحوا لي أن أمشي بصمت بينكم، وأهب للقائكم بعينين مغمضتين. الشاعر السويدي توماس ترانسترومر جبل فوق الجبل أتأمل الخليج السفن تستريح فوق سطح الصيف «نحن مسرنمون. أقمار جانحة» هذا ما تقوله لي الأشرعة البيضاء سنهيم في بيت هامد سندفع الأبواب بلطف تدعمنا الحرية هذا ما تقوله لي الأشرعة البيضاء رأيت ذات يوم إرادة العالم تذهب هباء تقتفي التيارات نفسها - دفعة واحدة «تفرقنا الآن، يا رفاق الغياب.» هذا ما تقوله لي الأشرعة البيضاء. الشاعر اليوناني أوديسيوس أوليتيس جميلة، لكنها بلاد غريبة جميلة، لكنها بلاد غريبة تلك التي وهبت تلقي الشباك لصيد الأسماك لكنها تمسك الطيور تبني القوارب على الأرض والحدائق فوق الماء بلاد جميلة، لكنها غريبة تلك التي وهبت تقبل الأرض وتبكي ثم تختار المنفى وفي الخمس طرقات تنهار ثم تستعيد قوتها الكاملة تهدد بتناول حجر لكنها تتخلى عن الفكرة تتظاهر بنحتها فتولد المعجزات. بلاد جميلة ولكنها غريبة تلك التي وهبت بقارب صغير وصلت إلى المحيطات تلد خمسة رجال عظماء ثم تكسر عمودهم الفقري وعندما يرحلون تغني مادحة إياهم جميلة ولكنها غريبة هذه البلاد. الشاعر الإيطالي ألفونسو غاتو إلى أبي إذا عدت الليلة إلى جانبي لنمشي على طول الشارع، حيث الظل الأزرق يحط كما لو أننا حقا في فصل الربيع لأقول لك كيف أن العالم مظلم وكيف أن في أحلامنا المتحررة، ستشرق الآمال، والفقراء و السماء، سأستعيد دموع الأطفال وابتسامة عينين واسعتين سوداوين، كسنونو البحر. يكفي أنك ما زلت حيا، حلم أن يعيش رجل بمثل قلبك. اليوم، ذكراك ظل، لهذه الأرض. صوتك القائل لأطفالك: «كم هي جميلة هذه الليلة وكم هو طيب أن نحب بعضنا هكذا... من فيض الهواء إلى عمق النوم» كنت ترى العالم في خطوة البدر العذب نحو السماء، في سير الرجال نحو الفجر.