فترة قصيرة لا تزيد على أسبوع هي التي تفصل بين تصريحين متضادين بشأن موضوع عادي جدا في كل بلاد العالم، لكنه لدينا قضية كبيرة ومزمنة، تطفو إلى السطح أحيانا ثم تعود إلى مكمنها انتظارا لمناسبة تبعثها من جديد. وإذا أراد أحد إحالتها إلى جذرها وسببها الحقيقي، فإنه لا يزيد على كونه موضوعا يتعلق بالمرأة، هذا الكائن الإشكالي في مجتمعنا الذي تتسلق عليه وتمتطيه أكثر الخلافات في القضايا الدينية والفكرية والاجتماعية، بينما هو الضحية الوحيدة. لقد فاجأتنا نورة الفايز نائبة وزير التعليم بتصريح متجاوز للمألوف والمعتاد فيما يتعلق بشؤون تعليم البنات عندما قالت إن الوزارة تتجه إلى تطبيق مشروع الرياضة المدرسية للطالبات بشكل إلزامي بعد أن يكتمل إنشاء الصالات الخاصة بها في المدارس. والأغرب أنها ذهبت بعيدا عندما قللت من أهمية الأصوات المعارضة لرياضة البنات، وقالت لو أردنا اتباع الأصوات المعارضة لما كان لدينا تعليم بنات ولا تلفزيون، وأن الأصوات المعارضة للمشروع قلة. وهنا لا ندري كيف لم تتذكر الدكتورة أن تعليم البنات لم يعرفه مجتمعنا إلا بقرار سيادي حاسم وصارم، ومع ذلك استمر تحت الوصاية وظل مقولبا وفق رؤية تصممه وتشرف على كل تفاصيله وتمنع عنه أي تدخل حتى لو كان من شأنه تحقيق فوائد مهمة. كما أننا لا نعرف كيف عكست الحقيقة وقالت إن الأصوات المعارضة قلة، بينما هم كثرة كاثرة ومؤثرة تستطيع إلغاء ما لا يتفق مع رأيها. وقد توقعنا ردا عنيفا على ما قالته الفايز من الأصوات المعارضة التي أشارت إليها، لكن جاء الرد سريعا ومختصرا وواضحا من الوزير ذاته عندما سئل قبل يومين عما ذكرته نائبته، فأجاب بكلمة واحدة (لا)، ليكون هو الواقعي الذي يعرف الممكن وغير الممكن، وهي الحالمة المتفائلة التي تناست حقائق الواقع، وبالتالي فإن خلاصة الموضوع هي ما قاله الوزير بأنها غير إلزامية، وذلك يعني أنها لن توجد بإلزام أو بدون إلزام. حكايات عجيبة لا يلوكها ويخوض فيها ويختلف حولها إلا مجتمعنا من بين كل مجتمعات العالم، وهذه الحكاية نموذج لها.