رغم اعتماد الكثيرين على شراء المواد الاستهلاكية المستوردة والجاهزة، يتجه أهالي تهامة والباحة إلى تجديد علاقتهم بالزراعة، خاصة أن خبوت تهامة من الأراضي الزراعية الخصبة في المملكة، بل ويصفها البعض بأنها من سلال الغذاء، لجودة أراضيها، وتنوع المحاصيل الزراعية بها. ويؤكد عبدالرحمن الحمياني أنه مع بدء موسم الشتاء ومع مطلع شهر صفر الموافق لأواخر شهر نوفمبر يبدأ موسم (الخَضير) الناتج عن زراعة الذرة وتستغل عذوق الذرة البيضاء والحمراء حديثة القطف لصنع بعض الأكلات الشتوية التي تسهم في الدفء حيث تكون حبوب الذرة لينة وطرية، وعند الضغط عليها يخرج منها سائل أبيض يشبه الحليب ما يجعل الناس تحتفي بهذه الحبوب. وأضاف الحمياني: قبل استواء الحبوب يتم صَرْم العذوق مع بقاء جزء من القصب متصلا بها بعد جلب العذوق من المزارع القريبة إلى الشارع العام وهي ما زالت خضراء لتشهد منظرا جميلا كون المعروض متنوعا ولك أن تشتري العذوق معصوبة (في حدود 5 عذوق) ثم يتم شيها على النار فيما يسمى (شويط)، ويتجه آخرون لشراء الحبوب صافية لينة طرية بعد استخراجها مباشرة من العذوق في الموقع، وطريقة استخراج الحبوب تكون بتنكيس مجموعة من العذوق في «القفة» وضربها بعصا وهو ما يسمى (خبط الخضير) ويباع في أكياس صغيرة من الحبوب الصافية يصل سعر الكيلو الواحد إلى 20 ريال، فيما تتراوح قيمة حزمة العذوق من ال10 ريالات إلى ال15 ريالا. ويرى ناصر محمد أن للناس في تناول الخضير مذاهب فبعضهم يطحن هذه الحبوب على المَطْحَنَة (حجر مخصص لطحن الحبوب ويستخدم يدويا) وبعد ذلك يتم وضعها في التنور، وتؤكل ك(مَرْسة) أو مع اللبن، وبعضهم يجعله على صاج مع زيت السمسم، أما عن طريقة الحفظ فيوضح الحمياني أنه يحفظ بعد طحنه بطريقتين الأولى عن طريق تجميده في الفريزر ويصبح مثل قالب الثلج، وهو ما يجعله طريا ولا يتغير طعمه، أما الطريقة الثانية فيتم حفظه في برودة أقل وهو ما يجعله حامضا حسب رغبة البعض في ذلك، ويجعلونه «قرص خمير». ويصف ناصر موسم بيع الخضير في محافظات تهامة بالمهرجان المصغر على جنبات الطريق العام إذ تجد كل الفئات العمرية تبيع الخضير في جو من المرح والسعادة، لافتاً إلى إعجاب الناس بالمزارعين واحتفاءهم بهم والدعاء لهم بالبركة كونهم لم يهملوا الأرض، فيما يتطلع حمياني إلى تبني مهرجان موسمي للمزروعات أسوة بمهرجان المانجو والحريد والبن كون مهرجان الخضير لا يقل أهمية عن المهرجانات الأخرى خاصة أنه يستمر لأكثر من شهر. من جانبه أبدى مدير عام زراعة الباحة المهندس سعيد جارالله استعداده لخدمة المزارعين وتشجيعهم على تبني إحياء أراضيهم بالمشورة وتوفير ما يلزم لتأمين جودة المحصول، مبديا استعداده للإسهام في أي مشروع من شأنه إنماء وإحياء الزراعة في منطقة الباحة ذات الطبيعة الزراعية في جبالها وسهولها.