لا يخلو حقل زراعي هذه الأيام بمنطقة جازان من حصاد بذور حبوب الذرة قبل نضوجها والتي تسمى محليا ب "الخضير"، متنفسين في ذلك عبق السنابل التي جعلت من جفناتها مسكنا وكأنها تبحث عن الدفء، حيث طالب عدد من الأهالي بتنظيم مهرجان سنوي يحتفلون فيه بموسم "الخضير" لما يشهده من إقبال كبير من داخل المنطقة وخارجها كمهرجان الحريد والمانجو. "الوطن" زارت وادي بيش، أحد الأودية الشهيرة بالمنطقة والتقت عددا من الفلاحين، كما رصدت عملية البيع والشراء من قبل عدد من المواطنين والمقيمين بأسعار متفاوتة. ويروي علي رفاعي الحازمي، أحد المهتمين بالمجال الزراعي، مراحل عدة لزراعة الخضير، يمر بها الحب في السنبلة حتى قبيل استوائه واشتداد حباته قبل أن تصبح صلبة قوية قابلة للتخزين بعد سقوطها من العذوق في تلك المرحلة، مشيرا إلى أن الحب في هذه المرحلة يتميز بالليونة، وتكون الحبة مشبعة بالماء، كما تميزها رائحتها وطعمها الخاص. ويضيف الحازمي أن البذرة تستمر داخل التربة من 4 إلى 5 أيام، وإذا بدت البذرة بالنمو استبشر المزارع خيرا وأصبح يتعهدها بالتنظيف من الشجيرات التي تنبت بجانبها، وبعد مضي شهر ونصف تبدأ السنبلة بالظهور ويسميها المزارعون "صفو"، أي مازالت خالية من الحب، وبعدها تظهر حبات خضراء، وهي سبب التسمية "الخضير"، لأنها حبات خضراء طرية. وبين المزارع الشاب إبراهيم أبو جرة، من محافظة بيش، أن الفلاح في فترة ظهور بذرة الخضير يحرص على حماية السنابل من الطيور بتخويفها عن طريق ما يسمى "بالميضفة " التي يوضع بداخلها حجر ثم يرمى به الطير، أو عن طريق "البيرق أو المخيال" ويكون أحينا دمية على شكل إنسان بهدف تخويف الطيور. وقال المقيم علي أحمد، وهو أحد البائعين لمحصول الخضير على الطريق الدولي لخط الساحل: نقوم ببيع الجاهز منه، وهو الذي تم استخراجه من سنبله بقيمة 15 ريالا، ويسمى "المخبوط "، فيما يباع غير الجاهز ب12 ويسمى بالعذوق، وهناك نوع أبيض يسمى "بالزيدية"، وآخر يسمى "حمرية" ويباع بقيمة 6 ريالات. وأضاف أحمد مروعي عثمان أن المزارع يبدأ بقطف عذوق الذرة عند بلوغها مرحلة النضج، ويتم جمع الحبوب وفصل الحبة عن سنبلتها بعد ضربها بأداة تسمى ب"المخباط "، بهدف استخراج الخضير ومن ثم تطحن الحبيبات على أداة عرفت قديما بالمطحنة، بعد ذلك تتفنن النساء في صناعة أطباق متنوعة من تلك الحبوب، فمنهن من تفضله على شكل أقراص من الرغيف الخضير، وذلك بوضعها وخبزها في التنور، ومنهن من تصنع منه "المرسة" وهي أكلة تشتهر بها قرى ومحافظات جازان، إضافة إلى أن هناك من يفضله على شكل حبوب يتم طبخها في الماء مع إضافة كميات الملح المناسبة للمياه بما يتناسب مع الذائقة، أو بوضع "العذوق" على النار، ويسمى "بالشويط"، أو إعداده على طريقة "الثريد" الذي قد يؤكل بالسمن والعسل، وللزوار نصيب منه. كما بات الجيران يتهادونه فيما بينهم ويرسلونه لأقربائهم وأصدقائهم خارج المنطقة.