تجده يحفظ عن ظهر قلب الكثير من الآيات الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، التي يفترض أن ينعكس أثرها الإيجابي على سلوكه فيرتقي به إلى مصاف الأسوياء، وتحرك في جوارحه كل شعور إنساني يجسد القيم السامية والمبادئ النبيلة، في كل أوجه حياته قولا وفعلا، عملا وتعاملا في السر والعلن. إلا أن هذا الافتراض، لا تجد له أدنى أثر لدى هذا الصنف من البشر، بل وبكل أسى ومرارة تجده على النقيض تماما. حيث يستبدل المحبة بالعداوة، والتسامح بالتباغض، ويتلذذ بالأكاذيب والأحقاد والتنصل والجحود وتزييف الحقائق. معاذ الله أن يكون لما تأتى له حفظه والتباهي باجتراره في «منابر الفحيح الفضائية» أدنى علاقة، بما يموج في أعماق هذا الصنف المأزوم من أسقام وما يزبد به لسانه من سموم، فما جدوى الحفظ دون فهم وتدبر لكل كلمة في كل آية أو حديث شريف. وإدراك لما فيهما من الأوامر والنواهي؟!! وإذا ما تحقق الفهم واستشعار كل معنى وهدف، يتبقى الأهم.. وهو العمل والتفعيل، فالعلم دون عمل وتطبيق به ومن خلاله، لانفع له، ليس هنا فحسب، بل إن العلم ولو بشيء يسير من القرآن الكريم أو السنة النبوية، دون الالتزام بتفعيل ما جاء فيه من تعاليم، يصبح حجة على صاحبه يوم الحساب. فما بالك بعاقبة من يحفظ ما يحفظه من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، ويرددها بلسانه، بينما أفعاله وتوجهاته...، تتنافى مع عظم وقداسة هذا الدين الحنيف وتعاليمه السماوية العظيمة التي لو اختلجت بضع جوارحه ببضع بعض هذه التعاليم لما قبل بأن يمزج لسانه بين السمو والسموم، فضلا عن سقوطه واقترافه للكثير مما تنهى عنه تعاليم الدين الإسلامي، والاستماتة في التحريض على إشعال نار الفتنة والتمرد وتأليب أبناء هذا المجتمع الإسلامي الموحد والموحِد والمتحد. والذي سيبقى بحول الله وقوته بفضل منه تعالى ثم بمن قيضهم لقيادته، في خير ورخاء وأمن وأمان مترع بنعمة الإيمان ومتفرد بقداسة أرضه. وحرمة مقدساته، إنها هبة الله في هذا الكون، ولن يحيق المكر السيء إلا بأهله.. والله من وراء القصد. تأمل: سبحان من لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع. فاكس: 6923348