الكون بني على النظام، والدين بني على الأركان، والحياة بنيت على الترتيب، والأدب شأنه ذلك. شخصياً، لا تجذبني هذه النصوص، ولا أجد فيها إلا تدميراً لوقار الكتابة، وفي جهد أصحابها عجز الإرادة، والهروب من قواعد الأدب السليمة، وتحت مسميات طبل لها النقد، وصفق لها البسطاء من المتلقين الذين ينامون ويفيقون وهم في مواقع التواصل الاجتماعي. أركان الكتابة السليمة ليست قيوداً، بل هي ضابط لإيقاع النص كضابط آلة العزف، سواء في الشعر أو النثر، وأصحاب هذه الكتابة التي أتت بمسمى نصوص أو قصيدة نثر أو «ق ق ج» أو ما شابه، كمن يغني بصوت عالٍ ويده تخبط على الأوتار بعشوائية. أجد في هذه المؤلفات «خواطر» خجل أصحابها من أن يقال عنها ذلك، فانتهجوا لها «نصوص» وما شابهها، مع العلم أن «نصوص» كلمة عامة تعني الشعر بفروعه والنثر بمذاهبه، فالكاتب الحقيقي لا تعيقه أوزان الشعر، وسجوع النثر، بل يصنع منها سفناً لإبداعاته وانفعالاته الإنسانية، ويرسلها مبحرة في بحار الروائع. هناك حالة واحدة ووحيدة لاستثناء مثل هذه الكتابة المبعثرة، ومنحها شيئاً من القبول، أن يكون صاحبها قدمها بعد الشعر المقفى أو القصة أو المسرح أو الرواية أو أي جنس أدبي معتبر، هنا على الأقل نوجد عذراً صغيراً له، ونتقبلها قبولا نصف حسن. (*) روائي سعودي