فشل أبو راشد في محاولاته العديدة بمنع زوجته الثانية من ممارسة العنف ضد أطفاله الصغار رغبة منها في إزعاجه أثناء مكوثه لدى زوجته الأولى، فهي تمارس تصرفاتها تلك، وتتصل عليه وتسمعه أحد أطفاله يبكي إما بسبب ضربها له أو مضايقته، وكل ذلك من أجل أن يكون عامل ضغط عليه حتى لا يجد الراحة والاستقرار بعيدا عن بيتها. بينما كاد أبو محمد أن يفقد حياته بسبب قيام زوجته بغلي السكر مع الماء (الشيرة) وسكبها على بطنه وهو غافل عنها، ما أدى إلى إصابته بحروق شديدة جعلته يقدم على هجرها، في حين لم تتردد أم ريناد عن طعن زوجها في كتفه بسكين المطبخ بكل قوتها وإصابته بجروح خطيرة بدعوى أنه حرمها من 500 ريال مصروف الشهر لمروره بضائقة مادية. وتنمر الزوجات لا يعدو ظاهرة ولكنها مشكلة يعاني منها الكثير من الأزواج لاسيما أولئك الذين يبحثون عن الهدوء والاستقرار الأسري. وأشارت الدكتورة في سيكلوجية النفس الإنسانية رسمية الربابي إلى أن عنف الزوجات مرتبط ارتباطا وثيقا بثقافة المجتمع، ومن الطبيعي انعكاسه على الأسرة وعلى العلاقة الزوجية، مرجعة تفاقم المشكلة إلى ضعف شخصية الرجل التي ربما تغري الزوجة لممارسة العنف، كما أن القهر الذكوري تجاه المرأة من الأب أو الأخ أو الزوج نفسه، ربما يكون هو الآخر دافعا للمرأة لتمارس العنف تجاه الرجل، في محاولة منها للانتقام لنفسها، خاصة إذا أتيحت لها الفرصة ووجدت الزوج الذي يسمح لها بهذا السلوك، ولا يمكن تجاهل ضعف التربية في البيوت قبل الزواج، وعدم تقدير كل من الزوجين للمسؤولية، موضحة أن المرأة قد تلجأ عندما تتعرض للضرب من زوجها إلى الدفاع عن نفسها، كردة فعل. وتلخص الربابي أسباب العنف في ضعف الوازع الديني، سوء التربية والنشأة في بيئة عنيفة، غياب ثقافة الحوار داخل الأسرة، سوء الاختيار وعدم التناسب بين الزوجين في مختلف الجوانب بما فيها الفكرية، ويترتب على العنف الأسري آثار خطيرة على الزوجين والأولاد والمجتمع، ويعرف العنف العائلي ب(Family Violence)، وقد يكون مصحوبا في بعض الأحيان بانفعالات. وزادت الربابي أن أشكال العنف ضد الرجل تتعدد لتشمل الاعتداء بالضرب بالأيدي أو الشتم أو الانتقاص من قدره أو مقاطعة أسرته أو حرمانه من حقوقه الزوجية، وقد تصل أحيانا إلى القتل، وهناك من تتعامل مع المشعوذين والسحرة للسيطرة على الرجل سيطرة تامة، والأبشع من ذلك هناك من تنزلق في دروب الخيانة. وسردت الربابي أن الحد من عنف المرأة يكون بتعليم المجتمع البعد عن التنفيس بالعنف، وأن يكون التنفيس بإخراج الطاقة السلبية من خلال عمل بدني مفيد، ببعض الآليات مثل الاسترخاء، والتأمل وأخذ فترة سكون عند الاختلاف، ثم بعدها تناقش الأمور في جو يسوده الهدوء بعيدا عن الانفعال، والتحلي بالقيم والمعاني الإيمانية التي تؤكد على تجنب الغضب والالتزام بكظم الغيظ عند الشعور به، وأن يحصل المقبلون على الزواج على دورات تأهيلية مناسبة في قواعد إدارة العلاقات بين الزوجين، واكتساب مهارات التواصل الناجح بينهما، وتعلم فنون إدارة الخلافات الزوجية في حال وقوعها. ورأت الربابي أن التأهيل يسهم في الحد من تزايد ظاهرة العنف بين الزوجين، وأن يغير الرجال طريقة التعامل مع المرأة بشكل عام كأخت وكأم وكزوجة، والبعد تماما عن كل أساليب القهر التي يمارسها بعض الذكور تجاه الإناث، وأن يقوم الزوج بمسؤولياته تجاه زوجته وبيته؛ لأنه حين يقوم بهذه المسؤوليات يحتفظ بمقوماته وهيبته أمام زوجته، كما أنه يخفف الأعباء عنها، ويشعرها بالأمن النفسي، فلا تتكون لديها رواسب نفسية سلبية تجاهه، وتحرص دائما على أن ترضيه وألا يصدر منها ما يغضبه.