طالب متخصصون واجتماعيون بضرورة إصدار قرار لتجريم ضرب الزوجة بعد أن تحول الأمر في الآونة الأخيرة إلى ظاهرة، إذ بلغت الحالات المسجلة في قضايا العنف الأسري بحسب إحصاءات وزارة العدل لعام 1433ه قرابة ال 60%. وقالوا على كافة المؤسسات وحقوق الإنسان العمل على مقتضيات هذه المسألة لتمكينها من الدخول إلى مجلس الشورى ومن ثم إصدار قرار من المقام السامي ينص بعقوبات تجاه مرتكب هذا الخطأ. ولفت مشاركون إلى بعض الحلول العملية قبل حصول الضرب أو عنده، إذ نادى أحد المحامين من تعرضت للضرب أن تبلغ الشرطة بصورة عاجلة، وسرعة إصدار تقرير طبي إن كان الضرب مبرحا قبل أن يزول أثره، في حين رأت إحدى المشاركات أن إبلاغ المرأة المتضررة لأهل زوجها هو الأفضل كونهم الأدرى بطرق التعامل معه بدلا من اللجوء إلى أهلها مباشرة، في حين عارض أحد هيئة كبار العلماء التدخل منذ المرة الأولى لكون الحياة الزوجية تصبغها الأسرار، قائلا لكن إن استمر الزوج على حاله فعندها يمكن للمرأة اتخاذ الوسائل التي تمنعه. وأوضحوا أن من أسباب لجوء الزوج إلى الضرب هو التأديب القاسي الذي لغى الزوج فيه كل سبل الحلول أو بسبب الانتقام أو لمرور الزوج بحالات نفسية، أو مشكلات اقتصادية، أو للفهم الخاطئ لقول الله تعالى: (فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) والذي أوضح أحد المشاركين أن كلمة الضرب لها معان أخرى وهي لا تدل على التعرض الجسدي كما يفهم البعض ذلك من الآية، بينما أكد أحد أعضاء هيئة كبار العلماء أن المقصود بما ورد في الآية هو الضرب، ولكن الذي يؤدي إلى إشعار المرأة وليس إلى الإضرار بها. وطالب شرعيون الأزواج بضرورة التمسك بما ورد في حق النساء في خطبة الوداع إذ قال عليه السلام: (أوصيكم بالنساء خيرا)، مبينين أن معظم حالات الطلاق سببها الضرب والإهانة. الإحصاءات مرتفعة المختص في علم الاجتماع الدكتور أبو بكر باقادر قال الإحصاءات العالمية لضرب الزوجات مرتفعة وأسباب هذه الآفة متطلبات الحياة التي تزيد والتي يرافقها القصور المادي. وبين أن الضرب لا يقتصر على الزوجة فهناك من الأزواج من يشتكي من ضرب الزوجة، مبينا أن بعض الدول أوجدت أساليب عدة للحد من هذه الآفة فجزء من العلاج متعلق بالدفاع عن النفس سواء باللفظ أو حتى الجسد، كما أوجدوا علاجا للجاني والمجني عليه جراء ما حصل بينهما. ولفت إلى أن حالات الضرب تقل كلما كان المجتمع أكثر صرامة ووضوحا ولا يقبل مرور هذه الحالات دون عقاب، مشيرا إلى أن الضرب مرتبط بطبقة المرء وظروفه السياسية أو الاقتصادية أو لشعوره بالاكتئاب. وأضاف ينبغي أن تكون هناك مؤسسات للحماية من هذا النوع من الإيذاء خصوصا وأن المجني عليه يعيش مع الجاني في ذات البيت. الدفاع عن النفس أما مدير مركز عين اليقين للاستشارات الأسرية والاجتماعية الدكتورة زهرة المعبي فقالت للأسف الشديد السبب الأهم في انتشار وتفاقم الظاهرة سماح المرأة للرجل بضربها المرة تلو الأخرى دون أن تدافع عن نفسها، قائلة عليها إبلاغ أهله أو أهلها بما يمنع الأذى عنها. وذكرت أن الأفضل للمرأة إبلاغ أهل الرجل وخصوصا والدته لكونها الأدرى بابنها في التفاهم معه بدلا من إبلاغ والدتها والتي قد تدخل هي الأخرى في مشاكل معه، مبينة أن شكوى الفتاة ينبغي أن تكون باكرة أي حال حصول الاعتداء لا أن تتأخر فيأتي تدخل الأهالي وقت انتهت الأمور بينهما مما يعني نشوء مشكلة أخرى. واستاءت من بعض الحالات التي يتجاوز فيها الضرب إلى التعنيف، قائلة حينما أطالب المرأة الدفاع عن نفسها بضرب الرجل إنما في هذا الرأي قراءة للرجل الفطن لما أعنيه لما بين السطور وهو ألا تبلغ يا أيها الرجل إلى هذه المرحلة. ونادت عموم الرجال بتقوى الله في بنات المسلمين، مطالبة حقوق الإنسان وكافة المؤسسات إيجاد يوم للتوعية بتجريم ضرب الزوجة والتوعية برقي التعامل. ونصحت عموم الرجال التعامل مع نسائهم بالأساليب الراقية التي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعمل بنصح النبي عليه السلام والذي كان لا يقبل الغضب، ويحذر منه، قائلة كم من الحالات أصيب الرجال فيها بالندم تجاه ما فعلوه بزوجاتهم. واستاءت مما يحدث في بعض المحاكم تجاه المتضررات مبينة أن بعض القضاة يعتبر الضرب عاديا، منادية عموم المؤسسات وحقوق الإنسان العمل على هذا الموضوع وإدخاله مجلس الشورى حتى يصدر فيه قرار من المقام السامي. وخلصت لم تنم هذه الآفة إلا في هذا العصر بينما كنا في الماضي نعتبر ذلك من الخيال أو الأسطورة التي لا تصدق. أسباب عدة الأخصائية النفسية الدكتورة نوال الزهراني بينت أن الضرب له أسبابه النفسية أو الاجتماعية وأحيانا التربوية، أو تجتمع كل تلك الأسباب معا، خصوصا إن عاش الزوج في بيئة ينتشر فيها العنف أو رأى والده يمارس ذلك، أو تعايش في بيئة لا تحترم المرأة، أو كان ممن يعاني من اضطرابات وعدم تكيف أو يشعر في داخله بالنقص، الأمر الذي يدعوه إلى الاعتداء على الزوجة. ونوهت بأن النظرة الدونية إلى المرأة فاقم المشكلة، قائلة الضرب إن حصل فلا يكون إلا وفق الثوابت الدينية وفي الحالات النادرة جدا وبما لا يؤدي إلى أي ضرر أو إيذاء، أو يترك أدنى علامة على جسد المرأة. ولفتت إلى أن لجوء الرجل لضرب المرأة دلالة ضعفه، أو انحرافه وتعاطيه المسكر أو المخدرات، فيفقد بذلك نفسه وأعصابه، كما أنه وفي حالات قليلة المرأة هي من تجبر الرجل الإقدام على ضربها باستفزازه. وأشارت إلى أن اختلاف بيئة الرجل عن المرأة يتسبب في حدوث المشكلات بينهما ويقود ذلك إلى الضرب أحيانا، قائلة على المرأة التنازل عما اعتادت عليه في بيئتها لا لضعفها وإنما لقوتها أحيانا، إذ تقي بذلك نار الفتنة والاصطدام مع زوجها. وأضافت: «لا أعتبر ضرب الزوجات ظاهرة بل حالات نادرة تنتج عن انحراف الزوج أحيانا»، كما أكون منصفة إن قلت إن المرأة هي من تسبب الضغوط على الرجل أحيانا، فهي بصورة عامة تحظى بالتقدير والاحترام. ونادت بضرورة وضع عقوبات صارمة إن ضرب الرجل زوجته بلا مبرر، فيسجن الرجل مثلا أو يغرم ليرتدع عن صنيعه، كما طالبت بوجود عيادات لتعديل السلوك إن بدر من الرجل هذا الإيذاء مع أهمية اللجوء إلى الإرشاد الأسري لئلا تتفاقم المسألة، قائلة ينبغي أن يعالج المدمن بسرية إن تبين أن سبب ضربه هو الإدمان. وخلصت في مجتمعاتنا الخير الكثير ولا تنتشر فيه مثل هذه الآفة، كما على الرجال التمسك بنصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم: «رفقا بالقوارير». التوعية والمنع بدوره أرجع المختص في علم النفس فؤاد عامر أسباب لجوء الزوج إلى الضرب وهي الرغبة في التأديب للمرأة، قائلا يلغي البعض كل سبل الحلول المتاحة فيتجه للأسف لأساليب العنف أو يكون الضرب سببه الانتقام لمشكلات عائلية بين الطرفين أو إصابة الزوج بحالات نفسية، أو مشكلات اقتصادية، أو يفهم البعض الآية التي تقول: (فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) بطريقة خاطئة دون اللجوء في ذلك إلى أهل العلم. ونادى عموم الأهالي توعية الابن ومنعه حال استخدامه هذه الطريقة لئلا تتفاقم المشكلة، قائلا مهما كانت الزوجة طيبة لكنها لن ترضى بالإهانة أو بضربها وبالتالي فإن المسألة ستخرج عن السيطرة إذا استمر الزوج في استخدام أسلوب الضرب. وطالب عموم الأزواج بتقوى الله سبحانه وتعالى قائلا من الخطأ أن يؤدي الإنسان فرائض دينية ويغفل جانبا آخر منها وهي حسن المعاملة والمعشر وخصوصا مع من تقتسم معك الحياة على اختلاف ظروفها، منوها بأن على الزوجات ألا يسكتن على من اعتاد على ضربهن من دون وجه حق إذ ليس من الصحيح أن تتعرض للإهانة وللتعذيب بلا سبب، لأن الإنسان مكرم والله سبحانه وتعالى يقول: (ولقد كرمنا بني آدم). احترام العشرة الداعية سالم محمد طالب عموم الأزواج التمسك بما ورد في حق النساء في خطبة الوداع إذ قال عليه السلام: (أوصيكم بالنساء خيرا)، مبينا أن معظم حالات الطلاق سببها الضرب والإهانة. وأوضح أن المسلم العاقل هو من يحترم العشرة، ولا يلتفت كثيرا إلى الخطأ، كما يحرص على تماسك بيته، مستشهدا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته»، مبينا أن من المسؤولية على الرعية عدم الإضرار بهم. لم يرد الضرب من جانبها بينت عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين أن أكثر قضايا العنف الأسري التي تردهم في حقوق الإنسان هي الإيذاء البدني وخصوصا على الزوجات، قائلة الإسلام لم يورد الضرب ولو وجد لاستخدمه النبي صلى الله عليه وسلم حينما غضب من زوجاته. وتطرقت إلى معنى الآية التي قال الله فيها: (فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن)، قائلة ورد في معجم العربية أكثر من 26 معنى لكلمة الضرب، والمقصود بالضرب في الآية هو ترك البيت الزوجي. وذكرت أن ضرب الزوجة وإهانتها يتنافى مع العيش بالمعروف والسكن والرحمة إذ قال سبحانه وتعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون)، كما ذكر الله سبحانه وتعالى في المرأة: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)، مضيفة: لا توجد حياة بالإكراه فإذا لم يرغب المرء في شيء حتى وإن كانت المعاشرة الزوجية وعجز الرجل عن الحلول السلمية فعليه بقول الله تعالى: (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان). وطالبت نظام الحماية من الإيذاء سن مشروع لحماية الزوجة من الضرب كما طالبت بتصحيح مفهوم ما يدعيه البعض في الشريعة بأن الضرب يكون بالمنديل أو السواك، إذ لابد من تجريم الضرب بكل صوره. وتواصل الضرب لم يوجد في الإسلام، إذ أن الحديث الذي يقول عن الأطفال: «واضربوهم عليها لعشر»، ثبت ضعفه، لأن هناك أساليب أخرى مجدية في تربية الطفل لتحبيبه في الصلاة. وبينت أن مشكلة بعض القضاة أنه يعتبر الضرب من أساليب التأديب وبالتالي يضيع حق المرأة حينما ترفع قضية بأن زوجها ضربها، قائلة يفاقم هذا المفهوم لدى القضاة في بلوغ بعض الحالات إلى مرحلة مستعصية ربما تؤدي إلى القتل أحيانا. واستنكرت من يقول بأن الأب إن قتل ابنه بسبب التربية لا يقتل، قائلة أين ذهبنا من قول الله تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق)، وقوله جل جلاله: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم). كما استنكرت الدكتورة سهيلة من يعتبر خروج المرأة من بيت زوجها دون إذنه من النشوز، قائلة الحديث الذي ورد في ذلك ضعيف وبالتالي لا ينبغي أن يبني الرجل أحكاما بموجب الاعتماد على الأحاديث الضعيفة. ونوهت بقول الله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم)، بأنه تكريم عام وليس تكريما للرجال فقط. قائلة يجب أن نراجع أنفسنا في عدد من المسائل فكيف لا يلزم على الرجل علاج امرأته بينما يلزم الزوجة أن تعالج وتقف على زوجها، وكيف أن الزوجة غير ملزمة بعلاج والدها لكن إن كانت مريضة فالعلاج يكون على والدها وليس زوجها. إبلاغ الأمن ونادى المحامي الدكتور ماجد قاروب الزوجات اللاتي يتعرضن للضرب بالبلاغ العاجل إلى الشرطة، أما إن كان الضرب مبرحا فلابد من استدعاء الأمن والشرطة عن طريق المستشفى، قائلا أنصح من تتعرض لإيذاء جسدي بالضرب أن تبلغ الشرطة فورا وأن يتم الإسراع في إحضار تقرير طبي لأن بعض آثار الاعتداء تزال بعد ساعات قليلة. وأضاف: وفقا لإحصاءات وزارة العدل فإن 60% من القضايا الأسرية التي تتعلق بمسائل الأحوال الشخصية كالخلع والطلاق والنفقة، بالإضافة إلى ما أصدرته جمعية حقوق الإنسان حيال ما يعرض عليها، بما هو مثبت لدى البرنامج الوطني لمكافحة العنف الأسري نستطيع أن نؤكد بأن هناك عنفا حاصلا على الزوجات سواء من الأزواج أو إخوانهن أو أبنائهن العاقين، وهذا الذي تؤكده الشكاوى والبلاغات المرسلة إلى الأمن العام وأقسام الشرطة. وزاد من خلال تلك المعطيات أستطيع أن أقول بأننا نعيش واقعا مؤسفا وفي اعتقادي أن جميع القضايا الأسرية لا تخلو من عنف بجميع أنواعه، لعل العنف المعنوي أشد إيذاء من الجسدي. ونوه بأن أي اعتداء من أي شخص يعتبر جريمة بصرف النظر عن صلة العلاقة بين الضارب والمضروب، قائلا قواعد الأخلاق والتوجيهات الربانية تلزمنا بضرورة حسن المعشر الذي لا يترجم إلى الضرب إذ قال صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته»، وقال عليه السلام: «إن أكرمكم عند الله أحسنكم أخلاقا».