يظن كثير من الناس أن عيادات الروماتيزم بالمستشفيات تعتني بمرض واحد وهو داء الروماتويد وأن الكل سيحتاج علاجاً بالكورتيزونات وينتهي الأمر عند هذا الحد ولكن في الحقيقة إن أمراض المناعة الذاتية و الأنسجة الضامة أو ما يتداوله الناس من مصطلح الأمراض الروماتيزمية تشمل العديد من الأمراض ذات الصلة بما في ذلك الروماتويد أو ما يسمى بالعربية الفصحى بالتهاب المفاصل الريثيانى، الذئبة الحمراء، متلازمة هيوز، مرض الجلد التصلبى، الالتهاب العضلي المناعي، متلازمة جوجرنز ؛ ومن هنا تأتي أهمية الفحص المتخصص لدى عيادة الروماتيزم حيث ستختلف التوجهات العلاجية من حيث الكم والنوع في استهداف المرض المحدد بدلاً من العشوائية الضارة عند التعامل مع أي التهاب بالمفاصل بضخ عقاقير الكورتيزونات بطريقة غير محسوبة ومقننة كما ستختلف أيضاً طرق ووسائل العلاج التأهيلي من مرض إلى مرض بل ومن مرحلة إلى مرحلة في نفس المرض . ولكي نفهم هذا التنوع نشير إلى أن الفكرة الرئيسية لعمل الجهاز المناعي الذي أودعه الله في أجسامنا هي القيام بمهمة إيجاد الأجسام المضادة لمحاربة الغزاة الأجانب لأجسامنا مثل الفيروسات والبكتيريا، لكن الذي يحدث في أمراض المناعة الذاتية هو أن الجهاز المناعي عندما يبدأ في الاعتلال تتغير وظيفته فتقوم الأجسام المضادة التي ينتجها بمهاجمة أنسجتنا السليمة بدلاً من مهاجمة الأجسام الغريبة الغازية لأجسامنا . وتتميز كل أمراض المناعة الذاتية بوجود خلل في الجهاز المناعي مصاحب لطفرات جينية مع أعراض متشابهة في بعض هذه الأمراض ولكن مع وجود علامات وظواهر خاصة تميز كل مرض من هذه المجموعة عن الآخر، وفي بعض الحالات تكون الاضطرابات متعددة نتيجة تداخل عدة أمراض مناعية مختلفة في آن واحد عند نفس المريض. وفي هذه المقالة سنشير إلى واحد من أهم وأشهر الأمراض المناعية وهو داء الروماتويد أو التهاب المفاصل الريثياني وما الذي يمكن أن نقدمه في عيادة الروماتيزم لمرضى هذا الداء. داء الروماتويد أو التهاب المفاصل الريثياني هو مرض التهابي مفصلي مزمن له تأثير كبير على الحياة وقد يؤدي إلى العجز في حالة الإهمال فى العلاج، ونسبته إحصائيا على مستوى العالم هي 0.3-1.2% حيث يصاب المرضى من هذه النسبة بهذا الداء على درجات متفاوتة، ويتميز مرض الروماتويد بالتهابات في المفاصل الريثيانية وتكاثر بالنسيج الزلالي. عندما ينشط المرض نجد أن المريض يعاني من آلام حادة بالمفصل مع ارتفاع بحرارة المفصل وصعوبة في الحركة المفصلية وقد يعاني مريض الروماتويد من ارتفاع عام في درجة الحرارة الجسم مع إحساس بالإعياء وفقر بالدم. تختلف شدة المرض من حالات بسيطة إلى حالات معقدة في حالة الإخلال في المداومة على العلاج وقد يؤدي ذلك إلى نوع من العجز المفصلي والتشوه التدريجى للمفصل. يكمن دورنا كأطباء للروماتيزم في التحكم في عدوانية هذا المرض من خلال التشخيص المبكر والسريع والعلاج المكثف لمنع تدمير المفاصل على المدى الطويل وهذا ينطوي على الاستخدام المبكر للعقاقير المضادة لأمراض الرّوماتيزم واستراتيجيات الجمع فيما بينها ومن أهمها الميثوتريكسات وفي حالة عدم الاستجابة لهذه العقاقير يتم تحويل المريض إلى العلاج البيولوجي وفقاً للنشاط المرضى وعوامل الخطر المصاحبة للمرض. ومن الأهمية بمكان الاكتشاف المبكرللمرض خلال الستة أشهر الأولى وذلك عن طريق الفحص لدى استشاري الروماتيزم المتخصص حيث إن التآكل العظمي يحدث خلال السنة الأولى وبالتالي يجب أن يبدأ العلاج سريعاً لوقف النشاط المرضي ومنع تآكل المفاصل. الدكتورة. نشوى الشعراوي استشارية الأمراض الروماتيزمية والطب الطبيعي بمستشفى الأطباء المتحدون