منذ بداية عام 2000 والعالم يعيش أزمات اقتصادية تفاوتت تأثيراتها من دولة لأخرى، ولكن في السنوات الخمس الأخيرة بدأ الجميع يعيش ويتعايش مع الأحداث الاقتصادية العالمية، فالأزمات الاقتصادية التي عصفت في اليونان والبرتغال وإسبانيا وأخيرا ألمانيا، انهيار أسعار البترول إلى أكثر من النصف، الاكتفاء الأمريكي من النفط وكذلك موافقتها على تصديره، تراجع نمو الاقتصاد الصيني لأدنى مستوى له خلال 20 عاما تقريبا، وانكماش الاقتصاد الروسي والذي بلغ معدل التضخم فيه خلال العام 2014 إلى 11.4%، وضم روسيا للقرم، وضعف أداء الاقتصاد الأوروبي، كل هذه الأحداث الاقتصادية كانت حاضرة وبقوة في جميع المحافل العالمية. لقد أدى عدم الاستقرار في المناطق المحيطة منا كالأحداث الإرهابية التي قادها تنظيم داعش والحوثيون وتنظيم القاعدة والإخوان وما نتج عن الربيع العربي إلى تأثيرات على الاقتصاد العالمي انعكست على التنمية في أغلب الدول. مشكلة الإسكان واحدة من أكبر التحديات المزمنة التي سوف يواجهها اقتصادنا في المرحلة القادمة على الرغم من إدراج هذه القضية المورقة لأكثر من 70% من الشعب السعودي في خطط التنمية الثامنة والتاسعة والحالية العاشرة، إلا أنه لم يستفد من الطفرة السابقة لحل هذه المعضلة التي لا تزال تشكل تحديا كبيرا ومعيقا للتنمية الاقتصادية والتي لا شك بأن لها تأثيرات سلبية على تحقيق مستوى النمو الاقتصادي ورفاهية الشعب وزيادة نسبة البطالة وارتفاعات التضخم مما تسبب في زيادة الإنفاق الحكومي، فهل نتوقع حلا لهذه القضية في المستقبل؟ لقد كان لرؤية خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - الواضحة الموجهة لخدمة المواطن أولا والتنمية المستدامة للوطن ثانيا أثرا جبارا في تخفيف حدة انخفاض أسعار النفط حيث تم الانتهاء خلال السنوات الماضية من بناء العديد من المشاريع العملاقة والتي سوف تكون بمثابة بنية قائمة لأجيال عديدة، والتي من أبرزها الجامعات التي قفزت من 7 إلى 29 جامعة حكومية وعدد 10 جامعات خاصة وعدد أكثر من 30 كلية في مختلف التخصصات، الجانب الآخر المستشفيات التي تضاعف عددها إلى أكثر من 100% وتطوير نظام القضاء وتطوير نظام العمل والعمال ومشاريع النقل في المدن الرئيسة وقطار الحرمين والملاعب الرياضية والمدن الاقتصادية وتنوع مصادر الدخل المتمثل في التنقيب عن المعادن وغيرها من المشاريع العملاقة التي سوف توفر على المدى البعيد مليارات الريالات في الميزانيات القادمة. تخصيص ميزانية للعام 2015 بمبلغ 860 مليار ريال بزيادة 5 مليارات عن العام الماضي، ومن المتوقع انخفاض النفقات 10% فقط خلال العام 2015 أي وجود عجز حوالي 70 مليارا وهذا مؤشر اطمئنان للمواطن والمستثمر السعودي وغير السعودي على متانة وقوة الاقتصاد السعودي، تعتبر المملكة واحدة من أفضل الاقتصادات الناشئة في مجموعة العشرين والتي دعمت الاقتصاد العالمي، كل هذه الحيثيات تجعل اقتصادنا 2015 يدعو للطمأنينة خاصة بعد الانتهاء من الديون وأن أغلب مشاريع التنمية والبنية التحتية تم رصد مبالغها في ميزانية 2014 بالإضافة إلى وجود احتياطي يغطي العجز مما يعطي الطمأنينة بعدم تأثر الاقتصاد السعودي بتقلب الأسواق العالمية. زيادة عدد سكان العالم المستمرة وتحسن المعيشة ونمو الاقتصاد المعرفي والاقتصاديات الناشئة سوف تساهم في زيادة الطلب على الطاقة، وقد توقع تقرير (إكسون موبيل) استمرار زيادة الطلب على البترول وأنه مصدر الطاقة رقم واحد بنسبة تصل إلى 30% من مزيج الطاقة، وأن مصادر الطاقة الشمسية والطاقة النووية والغاز الطبيعي سوف تكون الأسرع نموا في العالم، وجميع مصادر الطاقة الرئيسية الأربعة المذكورة في التقرير تحظى باهتمام خاص منذ تولي خادم الحرمين الشريفين، وتعد مدينة الملك عبدالله للطاقة المتجددة واحدة من أهم المشاريع التي سوف تغطي جزءا من احتياجات السوق السعودي للطاقة بالإضافة إلى مشاريع الغاز ومشاريع الطاقة الشمسية القائمة حاليا والمستقبلية، مما سوف تساهم بنمو الاقتصاد السعودي والثقة في قوة اقتصادنا في مواجهة التحديات واستمرار التنمية على المستوى المحلي والعالمي.