فاجعة الأربعاء وتداعياتها الحزينة ما زالت تعيش في ذاكرة الجداويين، صاروا يترقبون موسم الهطول بعينين، الأولى مستبشرة بخيراتها، والأخرى متوجسة خائفة من فواجعها، وفي اليومين الماضيين امتدت الأبصار إلى السماء لمتابعة السحب السوداء التي غطت أجزاء المدينة الساحلية الجميلة، ومع دوي الرعد وضع من عاشوا التجربة أياديهم على قلوبهم إذ كشفت الأمطار الأخيرة التي هطلت حتى يوم أمس ما خفي من عيوب خطيرة واضحة لا تخطئها الأعين.. وامتلأت الشوارع بالمياه والأنهار الصغيرة التي منعت عددا كبيرا من طلاب وطالبات المدارس من الوصول إلى مقارهم حتى عم المثل الشائع «تغرق بشبر ماء». وليد حكمي يتساءل عن ضرورات تفعيل مشاريع البنية التحتية وشبكات تصريف مياه الأمطار وضعف السفلتة في الطرقات إن كانت لا تصمد أصلا أمام شبر ماء، وقال «بمجرد هطول قطرات المطر تتشكل البحيرات الصغيرة فما هي الآلية التي وضعتها الجهات المختصة في التصريف مع أن الكل يعلم أن كل شوارع جدة تخضع لعمليات ترقيع وحفر في مواسم الجفاف فما فائدتها إن كانت لا تقوى على مواجهة هطول خفيف كما حدث في الأيام الفائتة. من الواضح أن سوء التنفيذ هو السبب فليس هناك انحدار مائل يسمح للمياه بالجريان إلى الأطراف لكن الواقع أنها تبقى في منتصف الطريق». المهندس محمد المدني يعلق على ذلك بالقول إن بعض المدن للأسف لم تؤسس بنيتها التحتية مثلما هو في بعض الدول التي تتعرض للسيول والأمطار، فقد اعتمدت مدننا على ناقلات الشفط التي تقوم بسحب المياه من الطرقات في كل مرة دون أن تبادر بإيجاد حلول فعلية لإنهاء تلك المعاناة ومن المفترض رصد تلك المواقع التي تتجمع بها المياه في كل مطر ومن ثم يتم معالجتها وفق أساس علمي ومعالجة نهائية لا مؤقتة أو جراحة تجميلية ترقيعية غير مجدية. يتفق معه المهندس علي الحربي ليقول إن مشهد مياه الأمطار يتكرر في كل عام والمشكلة ليست في الهطول بل في معالجات الهطول وتداعياته فليس من المعقول أن تغرق مدينة ساحلية كعروس البحر في شبر ماء وتتعطل فيها المدارس وحركة السير ويسقط فيها ضحايا. المهندس الحربي خلص إلى القول إن تلك الأحداث تكشف بشكل جلي وواضح ضعف البنية التحتية، وأنها غير مهيأة لهطول الأمطار، ويستدعي ذلك تنظيم وتأسيس البنية والعمل على إنشاء شبكة تصريف مياه أمطار، وأخرى للصرف الصحي، تشمل كل المدن والقرى والبلدات والضواحي والمناطق، بما يكفل التصريف بطريقة سليمة لا تنجم عنها أي كوارث. عيسى الحربي قال: أصبح خبر هطول المطر يشير إلى كوارث وطوارئ واستعدادات تصل إلى حد تعطيل دوام طلبة المدارس، فما إن يبدأ هطول المطر حتى تبدأ حالات الطوارئ ويسارع الجميع إلى المنازل خوفا من عدم القدرة على العودة (وهذا خلل كامن في طرقاتنا التي من المفترض أن تكون مهيأة لاستقبال موسم الأمطار وتصريفها فليس من المعقول أن نعيش هذه المشاكل كل عام دون حلول جذرية لها».