المركز الإسلامي بمدينة «اريفاين» بولاية كاليفورنيا هو أحد المراكز الإسلامية النشطة في الولاياتالمتحدة، كما أنه من المراكز التي تستقطب العديد من ذوي الأديان الأخرى للدخول في الإسلام نظرا للهدوء والاستقرار الذي يسيطر على المركز وأنشطته التي غالبا ما تقتصر على أداء الصلوات وإقامة صلاة الجمعة وعقد الندوات والمحاضرات التي يحضرها العديد من المسلمين والمسلمات. يدير المركز مجلس تنفيذي من 9 أعضاء منهم 3 سيدات و6 رجال، ويرأس هذا المجلس السيدة سندس. كان لي حوار مع إمام وخطيب المركز جمال ديوان، الحائز على الليسانس في الشريعة من جامعة الأزهر، وهو امريكي الولادة والنشأة ولد لأب باكستاني وأم كندية، لكن نشأته كما يقول كانت بعيدة عن الإسلام رغم أنه والده كان مسلما، قصة اعتناقه للإسلام تحتاج الى وقفة متأنية سيضمها هذا الحوار الذي كانت بدايته عن السيدة التي ترأس مجلس إدارة المركز أو ما يسميه الأعضاء «المجلس التنفيذي».. إلى نص الحوار: في البداية دعني أسالك عن رئاسة إحدى السيدات للمجلس التنفيذي الذي يضم 6 أعضاء رجال، كيف ترى ذلك؟ لم لا يكون ذلك، طالما أنها انتخبت من قبل أعضاء وعضوات المركز الفاعلين، ومشهود للسيدة سندس بعملها واجتهادها في خدمة المركز والمنتسبين اليه، وفي المركز لا نركز على التفرقة بين المرأة والرجل في أي منصب لم يحدده الإسلام خصوصا في العمل الإداري والإشرافي وهو بعيد عن العمل الديني كالإمامة وخطبة الجمعة والعيدين. الصراعات الدينية هل تؤثر الصراعات الدينية في الشرق على عملكم هنا في المركز؟ نحن وإن كنا نسمع عن تلك الصراعات ونقرأ عنها لكننا بمنأى عنها، نحن هنا نجتمع لنؤدي عبادة لا تفرق بين المسلمين وإنما تجمعهم، ونحاول ألا نخلق في محيط عملنا الإسلامي أي صراعات او ميول معين، فنحن بعيدون عن السياسة وتأثيراتها، نحن مسلمون فقط، نعمل على أن نؤدي عباداتنا ونضم الينا اخوة واخوات وجدوا الإسلام ملاذا لهم ودينا يعتصمون به. النشاط الدعوي هذا يعني أن للمركز نشاطا دعويا؟ نعم، فالدعوة هدف مهم ووظيفة هامة نؤديها ضمن حدود ما وجهنا به ديننا الحنيف والذي ينص فيه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز بقوله (ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، وعلى ذلك التوجيه الرباني وأسوة برسولنا الأعظم محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم نؤدي واجب الدعوة بكل هدوء وسكينة، دون عنف أو قوة او فرض واقع على من لا يريده. الصعوبات والمعوقات وهل تواجهون صعوبة او معوقات من المجتمع الأمريكي؟ بشكل عام لا نواجه أي معوقات كمسلمين، فغالبية المسلمين يحملون الجنسية الأمريكية وغالبيتهم من المجتمع الأمريكي واختاروا الإسلام كديانة لهم، والقانون الأمريكي يكفل حرية العبادة لجميع المواطنين على ألا يكون في ذلك خروج على القانون، ولذلك فإن أي ممارس لأي ديانة يلتزم ويحترم القانون لن يجد أية مضايقات أو صعوبات. الجماعات المتطرفة لكن هناك جماعات متطرفة ربما تعمد إلى مضايقتكم أحيانا؟ المتطرفون في كل مكان ومن كل الديانات، لكن حدة تطرفهم تختلف من مكان لآخر، هنا لدينا صرامة في تنفيذ القانون والالتزام به، وحقيقة لم نواجه أية مضايقات لأننا كما قلت لك ملتزمون بالقانون والنظام ونحترم كل الديانات الأخرى. أفكار الجماعات من الملاحظ أن الجماعات الإسلامية في الولاياتالمتحدة تضم عدة توجهات وأفكار متباينة، أين انتم منها؟ ما أعرفه أن الكلام الذي قلته يصح على فترة سابقة، وبالتحديد قبل أحداث 11 سبتمبر، الآن الوضع اختلف كثيرا، أصبح الخطاب الإسلامي هنا أكثر عقلانية وهو في الحقيقة خطاب إسلامي مشترك كان لا بد فيه من التعاون والوحدة بين جميع المسلمين فالظرف لم يعد متاحا للتفرقة وتعدد التوجهات، لا بد من خطاب إسلامي واحد يزيد من قوة المسلمين ودفاعهم عن عقيدتهم بكل هدوء وسكنية وبدون تشنج او ضوضاء لا فائدة منها، خصوصا في ضوء ما علق بالإسلام بعد أحداث 11 سبتمبر. الخطاب المشترك وما الذي نتج عن هذا الخطاب المشترك للجماعات الإسلامية في الولاياتالمتحدة؟ لم يتأثر الإسلام ولا المسلمون بتبعات 11 سبتمبر، واصبحوا أكثر قوة وحجة في توضيح صورة الإسلام الحقيقية البعيدة عن التطرف والعنف والإرهاب، وقد ساعد على ذلك أيضا وجود العديد من المسلمين الأمريكيين المشهورين في المجتمع الأمريكي من المتخصصين والأطباء والسياسيين وهم يكونون نسبة لا يستهان بها في المجتمعات المهنية المتنوعة، كما أنهم يحملون صورة مشرفة للإسلام من خلال شهرتهم وعملهم وتفوقهم في مجالات تخصصاتهم. العلاقة بالدعاة كيف هي علاقتكم بالدعاة من خارج الولاياتالمتحدة؟ علاقاتنا طيبة ومتينة مع الدعاة الذين يهدفون الى تحقيق هدف الدعوة الإسلامية ونحن نرحب بكل داعية يجمع ولا يفرق، ويضع في اعتباره أمرين مهمين، أولهما أن يحترم عقلية وسلوك المسلم السوي دون أن يحدث في صف المسلمين أي فرق، أو يجرح مشاعرهم وممارساتهم لعباداتهم، وثانيهما أن يعرف حقيقة الحياة في المجتمع الأمريكي، بمعنى أن يعرف أننا نعيش في مجتمع مفتوح، لا نحاول تحديه، ولكننا نعمل على الالتزام بقوانينه ونحترم فيه الآخرين من معتنقي الديانات الأخرى أو اللادينيين أصلا. ما الذي تقصدونه من كلامكم هذا؟ أقصد أن على الداعية أن يتحلى بالأخلاق الإسلامية وما فيها من السلم والسلام والهدوء والمناصحة البعيدة عن التشنج وتصحيح الأخطاء بالعنف والزجر، نريد من يزيد في أعداد المصلين ومرتادي مسجد المركز، لا من ينفرهم من العبادة، فأنت تستطيع بالكلمة الحسنة أن تصحح أداء مسلم لعبادته وتجعله يقبل على العبادة بكل اريحية، وفي الوقت نفسه تستطيع أن تجعله ينفر من أداء العبادة ولا يقبل عليها إذا ما كان أسلوب النصيحة منفرا. تمويل المركز كيف تمولون نشاطات المركز؟ المركز يقوم على التبرعات فقط وليس له أي موارد أخرى، اللهم إلا من تبرعات كبيرة تصلنا من بعض الأفراد، وأذكر أن شخصية سعودية جزاها الله خيرا تبرعت بكامل تكاليف إفطار رمضان الماضي في المركز، ونحن نرحب بأي تبرع يكون خالصا لوجه الله دون أن يكون فيه إملاء أو شروط علينا. لكن أي متبرع لا بد أن يتأكد من مسار المركز وتوجهاته. هذا أمر طبيعي لا نعترض عليه، لأننا واثقون من نهجنا وتوجهنا الذي يرتكز على خدمة الإسلام والمسلمين، وليس لنا أي توجهات لأية جهة أو فئة ذات ميول سياسية أو طائفية. متطلبات المركز ما أبرز متطلبات المركز لمواجهة حاجة المسلمين ومواصلة عمله ونشاطاته؟ نحن نقيم في مساحة محدودة جدا، والحمد لله المسلمون في تزايد سواء من المقيمين أو الزائرين، وهناك من فضل الله اقبال على الإسلام، حيث يدخله بين اثنين الى ثلاثة من الإخوة والأخوات. نحتاج الى التوسع، طبعا في هذه المساحة التي يوجد فيها المركز لا نستطيع التوسع اكثر ويضيق المسجد بالمصلين في صلوات الجمعة وفي رمضان، ولك أن تتصور أننا أحيانا نقيم صلاة الجمعة مرتين او ثلاثا، ويحكم ذلك طبيعة موقعنا، حيث أحيانا تكون هناك مناسبة للمدرسة الصينية التي تجاورنا ولا يستطيع المصلون الوصول في الوقت المناسب، حيث لا توجد مواقف كافية لسياراتهم التي تصل الى مكان وجود المركز من كل أنحاء مدينة إريفاين وما يجاورها من مدن، فالمركز يخدم قرابة 5 الآف مسلم مقيم، ناهيك عن الزوار لهذه المدينة التي تستهوي الكثير من السياح المسلمين. ولذلك فإننا نتمنى أن نحصل على أرض واسعة نقيم عليها المسجد ومرافق المركز، لكن ذلك لن يتأتى عن طريق التبرعات الفردية التي تزيد وتنقص وقد لا تفي أحيانا بأبسط حاجيات ونشاطات المركز. تتحدثون العربية بإتقان، ومعلوماتكم الدينية تعكس تعليما دقيقا وفهما عميقا للإسلام، نود أن تحدثونا عن نشأتكم وتعليمكم؟ أنا نشأت في بيئة لا أعرف فيها أكثر من أنني مسلم فلم أكن أصوم رمضان ولا أؤدي الصلوات ولا ألتزم بالمنهج الصحيح للعقيدة الإسلامية، كنت شبه ملحد، حتى بلغت التاسعة عشرة من عمري، وبدأت أتحسس ما حولي، وقد تأثرت كثيرا بالشخصية الأمريكية المسلمة «مالكم إكس»، وأخذت أميل الى سماع القرآن وذهبت مع زوجتي الى مصر لتعلم اللغة العربية، ثم عدت الى هنا وحصلت مع زوجتي أيضا على منحة للدراسة في جامعة الأزهر ومكثت هناك خمس سنوات درست فيها الثانوية العامة والجامعة حيث حصلت على ليسانس الشريعة، وعدت مع اندلاع أحداث ثورة مصر في عام 2011م بعد أن أكملت دراستي.