العمل الفني المركب أو التجميعي Assemblag Art ليس اتجاها أو مدرسة فنية قائمة بذاتها مثل الواقعية أو التعبيرية أو الانطباعية أو غيرها من مدارس الفن، بل يتعدى مفهومه كونه متضمنا في أعمال العديد من فناني الدادية Dadaism والسريالية Surrealism والفن الشعبيPop Art. وتعود إرهاصات ظهوره على ساحة الفن التشكيلي العالمي مع فناني الدادئية في معرضهم الذي أقيم عام 1917م في فولتير، حيث قدم الفنان مارسيل دوشامب ما يسمى بالفن الجاهز، موجها الأنظار إلى الجمال الفني الذي يكمن في المادة غير الفنية مثل بقايا المعادن والأشياء جاهزة الصنع المأخوذة من بقايا الاستهلاك اليومي، لتصبح هذه النفايات هي بحد ذاتها عملا فنيا، واستخدم هذا المفهوم الجديد كتمرد على المفاهيم السائدة في حركة الفن التشكيلي في محاولة منه للهجوم على الجماليات الموروثة من عصر النهضة. على هذا النحو نستطيع أن نقول إن العمل الفني المركب أو التجميعي من الفنون التي ظهرت في حقبة الحداثة، ضمن فكر المفاهيمية، وأحدث في بداية ظهوره صدمة للجمهور والنقاد، وفي نفس الوقت كان معادلا تشكيليا للمتغيرات والتطورات التي سادت فروع المعرفة في القرن العشرين. أيضا كان للعمل الفني المركب دور فاعل في تغيير مفهوم علم الجمال ودور الفن في المجتمع، حيث يتواكب مع فكرة ذوبان الفواصل بين مجالات التعبير المختلفة من نحت وتصوير ورسم وعمارة، ويلغي التصنيفات التقليدية القديمة لتلك الفنون التي سيطرت لعقود عديدة، فجاء بمثابة حالة من الانصهار التام بين مجالات الفن المختلفة، لأنه جمع بين أكثر من مجال فني، حيث يمكن للعمل الواحد أن يتضمن توظيف أسس بناء تكوين الصورة مع مفهوم الكتلة في النحت، معتمدا في ذلك على المتغيرات التي لم تكن معهودة من قبل، وخاصة فيما يتعلق بمفهوم الأداء على مسطح الرسم أو سطح اللوحة. إذن يعتمد هذا الفن على فكرة أساسية وهي الاعتماد بصورة جزئية أو كلية على العناصر المصنعة والمواد التي لم يكن الهدف من تصنيعها أن تصبح مادة فنية، انطلاقا من مفهوم البحث والتجريب والتجديد. للدرجة التي وصف فيها العمل الفني المركب أو التجميعي على أنه فن يعبر عن فلسفة الاستهلاك في الحياة اليومية وتحويل البيئة بكل معطياتها لتصبح هي بحد ذاتها العمل الفني، إذ يقوم الفنان بطرح وجهة نظر خاصة للتعبير عن مضمون اجتماعي من خلال الجمع بين عناصر أو مفردات ذات دلالات رمزية. ومن أهم الفنانين الذين طرحوا هذا المفهوم ضمن أعمالهم الفنية الفنان العالمي جاسبر جونز من فناني البوب أرت حيث قدم العديد من الأعمال الفنية المركبة، وكان من أهمها عمله الفني المعنون «هدف وأشكال بلاستر» عام 1955م وعبر فيه عن مضمون اجتماعي مرتبط بالإنسان وعلاقته بأحداث العالم من حوله فاستخدم لعبة «هدف الرماية» مع مجموعة من الوجوه الآدمية ليطرح بهذا العمل تساؤلا هاما وهو: هل من الممكن أن يصبح الإنسان مستهدفا في ظل ثورة التكنولوجيا في القرن العشرين. خالد ربيع