قبل أشهر، ودعنا الفنان صالح الزير الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى بعد معاناة من المرض، حيث عانى من داء السكري لأكثر من خمسة وعشرين عاما، داهمته الغرغرينة قبل عدة سنوات، وبترت إحدى ساقيه، ثم اضطر رحمه الله لبتر ساقه الأخرى قبل أن يتأزم مرضه ويفارقنا إلى الدنيا الآخرة. لم يكن صالح الزير ممثلا مسرحياً عاديا، كان ذلك المسرحي المثقف صاحب الرأي النقدي العميق حينما يقف على خشبة المسرح يقف بكل شموخ.. شموخ النخيل النجدية، وحينما يرفع يديه في حركة جسد يقتضيها الدور، فكأنما يظلل الآخرين من لفح الهجير، كما تفعل النخلة السامقة بعسبانها حينما يمتد ظلها وتتمايل طربا مع لفحات هواء السموم، ينتمي صالح الزير رحمه الله للجيل الثاني من رواد المسرح بالمملكة، وخصوصا في منطقة الرياض، فهو من جيل عبدالله السدحان، حمد الحوشان، حمود النجيدي، محمد الحميد، بكر الشدي، عبدالناصر الزاير، صالح الزاير، محمد الكنهل، ومحمد المنصور. كان ذلك الجيل هو همزة الوصل التي ربطتنا بجيل الرواد، اختفى من اختفى منهم، لكن صالح الزير بقي صامدا مع من صمد، وبقي مخلصا للمسرح لم يغره التلفزيون كثيرا، بالرغم من إمكانياته الفنية العالية وملامحه وجسده النحيل الذي يغري أي مخرج تلفزيوني بمنحه أدوارا هامة، كان يحمل همه المسرحي أينما رحل، فقد عمل صالح الزير في حائل وتبوك والرياض، وفي القطاع العسكري، وفي التربية التعليم، وفي كل مكان يعمل به يترك بصمة مسرحية لا يمكن لمن عمل معه أن ينساها. كان صالح الزير رحمه الله أحد أهم أركان اثنينية المسرح في الرياض، والتي استمرت لمدة قاربت العشر سنوات (1988 1997م)، وهو من مؤسسي فرقة المسرحيين السعوديين (الفرقة التي أسست عام 1995م، وأصر مؤسسوها على أن تحصل على التصريح الرسمي قبل مزاولة عملها، لكن جمعية الثقافة والفنون لم تمنحها الترخيص)، وخلال عمله كمحاضر في كلية الملك عبدالعزيز الحربية قدم العديد من الأعمال المسرحية وأشرف مسرحيا على كثير من مناسبات واحتفالات الكلية، أسهم في الأنشطة المسرحية للأندية الرياضة من خلال مسرح نادي الهلال، ومسرح المراكز الصيفية. شارك في الأعمال المسرحية، وجمع بين التربية والفن والمسرح، وكان أثره على طلابه كبيرا. حينما دخلت أودعه قبيل الصلاة عليه رحمه الله دخل الحجرة شاب وجلس عند رأسه وتمتم بدعاء له، ثم قال لي: كنت من طلابه في المرحلة الثانوية وزاملته كمعلم، كان نعم الأستاذ ونعم المربي. تمتع رحمه الله بحب جميع زملائه المسرحيين والفنانين. وقدم خلال رحلته الفنية العديد من الأعمال المسرحية ممثلا ومؤلفا ومخرجا.. منها: وطني، قطار الحظ، ثلاثي النكد، دنيا تجنن، إيقاع زمن واقع، الضربة القاضية، الأستاذ مكرر، الهيار، ديك البحر. ومن الأعمال التلفزيونية: موعد مع المجهول، طاش ما طاش، وخلك معي.