لست متفائلا أبدا بتحقيق منتخبنا بطولة الخليج القادمة في الرياض إذا استمر المدرب الإسباني «لوبيز» يدير شؤون المنتخب الفنية بنفس العقلية التي أدار بها مباراتينا أمام «أورجواي» و«لبنان» وبنفس التشكيلة غير المستقرة التي تؤكد بأنه سوف يجعلنا خارج المنافسة تماما. * ولعل هذا المستوى الهزيل الذي ظهرنا به أمام المنتخب اللبناني مساء أمس الأول خير دليل على غياب البوصلة لدى المدرب.. فقد لعب المباراة من البداية بالتشكيلة التالية: في خط الظهر: لعب ب: حسين عبدالغني، عمر هوساوي، ماجد المرشدي، وحسن معاذ. وفي خط الوسط اختار كمحورين دفاعيين: مصطفى بصاص ووليد باخشوين. وفي الأطراف لعب ب: نواف العابد في الطرف الأيسر.. وسالم الدوسري في الطرف الأيمن. وفي مركز المحور و(صانع الألعاب) خلف المهاجم لعب ب: تيسير الجاسم. ولعب ب «نايف هزازي» في المقدمة كرأس حربة صريح. والتشكيلة بشكل عام لا اعتراض عليها وانما الاعتراض على طبيعة الأدوار وبالذات في تكليف اللاعب «مصطفى بصاص» بدور المحور الدفاعي المتأخر للمرة الثانية وفي المباراتين الوديتين وهو الذي اعتاد على اللعب كمحور متقدم او جناح أيمن في اكثر الأحيان. تلك الأدوار والمهام انسجمت مع خطته العجيبة التي اعتمدها منذ فترة طويلة وهي اللعب ب(4/2/3/1) وهي في العادة طريقة عقيمة يلعب بها المدربون أمام الفرق والمنتخبات الكبيرة تحصينا لمنطقة الدفاع بوجود محورين شبه ثابتين في المؤخرة لتوفير الزيادة العددية في خط الظهر واغلاق الدفاع تماما ولا سيما في حالة الهجوم الكاسح من قبل الخصم مع الإبقاء على روح المناوشة اماما بوجود المهاجم الصريح وخلفه صانع العاب ماهر.. ويكون الجناحان متحركين على الخطين للقيام بمهمتين دفاعية وهجومية لدعم الظهيرين من جهة واستلام الكرات الطويلة والمباشرة من الدفاع او الوسط ومساعدة المهاجم الصريح في محاولات محدودة لاختراق دفاعاته او استثمار تقدمه. ** وهذه الطريقة كانت جيدة ومفيدة أمام منتخب قوي مثل منتخب «الاورجواي» لكن الحاجة لها كانت معدومة أمام منتخب ضعيف ومحدود الخبرة وقادم لملاقاتنا بعد هزيمته امام المنتخب القطري ب(5) أهداف نظيفة.. وجاء ليلعب أمامنا مباراة ودية وكان علينا ان نجعلها مسرحا لتجاربنا ليس في تغيير اللاعبين وإنما في الوصول الى المرمى اللبناني بسهولة وتحريك الوسط بصورة افضل واللعب بشكل اكثر تنظيما في المقدمة وعلى الأطراف. لكن ما حدث هو ان المدرب لعب بطريقته هو.. ولم يلعب بالطريقة التي تفرضها ظروف المباراة وطبيعة المنتخب الآخر وامكانياته. طريقة لعب متوازنة ** باختصار شديد نقول: ** إن «لوبيز» لا يعرف لاعبيه.. ولا يعرف ماذا يريد منهم.. ولا يعرف كيف يوفق بين ما يريد وبين قدرات ومهارات اللاعبين الذين اختارهم هو بمحض إرادته.. وإلا فلماذا لم يثبت حتى الآن على قائمة أساسية يطعمها في كل مباراة وفقا لظروف كل مباراة ومجرياتها. فهو مثلا لم يحسم بعد من يختار بصورة نهائية لخط الدفاع عنده: هل يثبت في مركز الظهير الأيسر حسين عبدالغني والزوري؟! ومن يحافظ عليه في مركز الظهير الأيمن هل هو حسن معاذ او ياسر الشهراني؟ ومن يكون في متوسط الدفاع الى جانب (عمر هوساوي) هل هو (ماجد المرشدي) او اسامة هوساوي؟ مع ان الأمر اشد وضوحا من وضوح الشمس.. حيث لا نقاش في ان رباعي الدفاع الأمثل حتى الآن (مع معالجة بعض نقاط الخلل بشيء من التدريب المركز) هو حسين عبدالغني/ عمر هوساوي/ اسامة هوساوي/ حسن معاذ.. ويكون اللاعبون: عبدالله الزوري وماجد المرشدي وياسر الشهراني هم البدائل الجاهزون للحلول محلهم عند الضرورة فقط. اما الوسط فإن قصة «لوبيز» معه قصة غريبة عجيبة.. وتبدأ من قناعات غير مفهومة.. واصرار غير مبرر بالزج باللاعب «الخلوق» و«النشط» ياسر الشهراني في هذه المنطقة مرة يمينا ومرة يسارا .. مرة كمحور متقدم ومرة كلاعب طرف. ومع إيماننا بأن اللاعب «مميز» و«مخلص» وحي ونشط وحاضر الذهن وانتحاري في ألعابه.. الا أن هذه الخصائص لا تبرر الزج به في كل مباراة وفي كل موقع اذا لم تكن المباراة تحتاجه في المكان الذي يجيد فيه ويضيف منه للمنتخب.. وعليه فإن المدرب لابد ان يقتنع بأنه «يحرق» لاعبين بمثل هذه الصورة لانه يسند إليهم أدوارا لا تناسبهم ويفرضهم على التشكيلة في غير مواقعهم الملائمة ويربك خطوط المنتخب الثلاثة كما فعل عندما اختاره كأول تغيير في مباراة المنتخب مع لبنان أخيرا وفي مركز غير مركزه الأساسي فيما كان المنتخب يحتاج وبصورة عاجلة الى محور ارتكاز دفاعي آخر هو احمد عسيري ليتكامل مع لاعب الارتكاز الآخر (وليد باخشوين) وليس بديلا عنه كما فعل «حضرته» مع الإبقاء على اللاعب المميز «مصطفى بصاص» الذي «دمره» لوبيز عندما وضعه في مركز محور الارتكاز الدفاعي المتأخر وقتل بذلك مواهبه وقدراته ومهاراته ونزعته الهجومية (كلاعب طرف ايمن) وقريبا من المهاجم الصريح مع تغليب الدور الهجومي واستثمار مهاراته الجيدة في الاختراق والمباغتة واللعب قريبا من حلق المرمى.. وثبته في منطقة الخطوط الخلفية للقيام بمهام دفاعية لم يخلق لها ولم يتكيف معها لا من حيث التفكير ولا من حيث الجسم واللياقة ولا من حيث الطول الذي لم يتوفر له.. ولا من حيث المهارات الدفاعية الغالبة.. وهو وان بذل في المباراتين الاخيرتين جهودا انتحارية لتحقيق ما يريده منه المدرب.. إلا أنه كان يلعب في واد.. والمحور الآخر.. وليد باخشوين في واد آخر.. وهذا ليس ذنبه وانما ذنب «لوبيز». ** وقد ساهم المدرب في إرباك منطقة الوسط المهمة بتغييره مهام ومسؤوليات «المايسترو» الأبرز «تيسير الجاسم» فقد لعب به المباراتين الاخيرتين كمحور متقدم «صانع العاب» خلف المهاجم الصريح.. وهذا المكان وان كان موقعه الأنسب.. الا انه تعود خلال موسمين او أكثر في الفريق الاهلاوي على اللعب كمحور دفاعي متأخر رغما عنه وبالتالي فإنه كان «تائها» في المباراتين ولم يكن في فورمته الطبيعية وتاه معه المهاجمون «ناصر الشمراني» أولا .. ثم «نايف هزازي «ثانيا» ثم «مختار فلاتة» ثالثا.. وبالتالي فإنه لا لوم على الثلاثة إذا تضاءلت فعاليتهم في المباراتين وكانوا في أسوأ حالاتهم وندرة عطائهم وذلك بسبب غياب الدعم والامداد لهم بالكرة سواء من اللاعب المحور خلفهم او من الجناحين أيضا. استمرار حيرة المدرب ** وكما أن المدرب لم يقرر بعد من يختار في منطقة المحور المتقدم.. هل هو تيسير.. ام «يحيى الشهري» أم غيرهما..؟؟ فإنه لابد ان نقول له إنه لابد أن يتخلص من طريقة اللعب الحالية (4/2/3/1) التي لعب بها المباراتين السابقتين بطريقة مستقرة هي (4/3/3) تحقيقا للتوازن بين الخطوط الثلاثة شريطة ان يحسن اختيار اللاعبين من بين هؤلاء جميعا. ** وإذا نحن قد اتفقنا معه على خط الظهر.. فإن ما نراه هو ان يلعب في مركز المحورين الدفاعيين باللاعبين المتاحين (وليد باخشوين) من الأهلي و(ابراهيم غالب) من النصر بشكل اساسي على ان يحل محلهما او محل احدهما عند الحاجة الى التغيير «كريري» من الهلال و«أحمد عسيري» من الاتحاد.. ويثبت على ذلك.. ويصبح «تيسير الجاسم» هو المحور المتقدم وصانع الألعاب الاساسي.. وراء مهاجم المقدمة في كل الظروف على ان يحل محله عند الحاجة الى التغيير «يحيى الشهري» من النصر اذا لم يكن «سلمان الفرج» جاهزا. ** أما بالنسبة للأطراف.. فإن الاختيار فيها مازال مقلقا .. نتيجة تذبذب مستوى اللاعبين فيها (سالم الدوسري) من الهلال و(شايع شراحيلي) من النصر يمينا .. وفهد المولد من الاتحاد ونواف العابد من الهلال. وان كنت أرى أن افضل من يشغل الطرف الأيمن بشكل اساسي هو مصطفى بصاص وتغييره عند الضرورة باللاعب سالم الدوسري على ان يحل في الطرف الأيسر كأساسي فهد المولد ويخلفه في حالة التغيير نواف العابد ويحتفظ على دكة الاحتياط بنجوم مميزين لتغذية هذه الخانة في مقدمتهم «شايع شراحيلي». ** وفي الهجوم الصريح.. فإن ناصر الشمراني هو الخيار الأول.. ونايف هزازي هو الخيار الثاني ومختار هو الخيار الثالث. ** وإذا امتلك المدرب شجاعة كافية وفضل اللعب بمهاجمين اثنين كرأسي حربة «ناصر ونايف» فإن عليه أن يغير في الطريقة ويكون هذا التغيير على حساب أحد المحاور الثلاثة أو أحد الأطراف.. حسب مقتضيات المباراة ومناطق القوة والضعف في المنتخب المقابل. ** أما بالنسبة لمركز الحراسة.. فإن وليد عبدالله مازال حاضرا وان كان لا يمنع من تجهيز «العنزي» و«فواز» والزج بأحدهما عند الضرورة.. فقد انتهت مرحلة التجارب والاجتهادات والمغامرات حتى نتمكن بهذا الثبات في التشكيلة للتمرن على خطة لعب آمنة.. والتعامل بعد ذلك مع ظروف المباراة المتغيرة داخل الملعب. لا وقت للتجارب ** ولعل الاستغلال للفترة المتبقية على بدء المسابقة تكون فرصة لهذا الثبات لخلق مستوى أفضل من التجانس بين اللاعبين وتمكينهم من اكتشاف أوجه الضعف او الخلل في خطوطهم الثلاثة وتمكين المدرب نفسه في هذه الفترة القصيرة من معالجتها قبل فوات الأوان.. وبالذات في ضوء التأكد من سلامة لاعبي وسط المنتخب المتميزين كريري وسلمان لأن حضورهما او حضور أحدهما على الأقل سيكون ضروريا جدا في التشكيلة الاساسية المقترحة.. وان كان كريري مطلوبا كمحور ارتكاز في الخلف وسلمان كشريك أساسي لتيسير الجاسم في الإبقاء على مستوى الهجمات في أعلى درجاتها وإن تم ذلك على حساب احد الاطراف في بعض مباريات الجولة الاولى مع مجموعتنا المكونة من منتخبات قطر والبحرين واليمن.. وهي مجموعة قوية وتلعب الكرة ب«قتالية» عالية وحماس غير عادي.. ورغبة قوية في الفوز علينا.. كما هو حال دورات كأس الخليج التي يكون فيها المنتخب السعودي بالنسبة للفرق الأخرى هدفا رئيسيا يعتبر الفوز عليه فوزا مبكرا بالبطولة. *** ** لهذه الأسباب.. الفنية منها او النفسية او العناصرية.. او اللياقية.. فإن على مدرب المنتخب «لوبيز» ان يتخلى عن قناعاته الشخصية وتبديلاته العاطفية او الخاضعة لطريقته في تغيير الأشخاص مع الابقاء على الطريقة.. لأن مجريات المباراة تفرض في مثل هذه المسابقات تغيير طريقة اللعب وبالتالي اختيار اللاعبين المناسبين للتغيير.. والاقتصار لتغيير لاعب بلاعب يساويه في المهارة والاجادة للمركز في حالات الإصابة او الطرد فقط. ** وإذا استمر «لوبيز» على طريقته في بناء الخطة وأدى اللاعبون أدوارهم على الطريقة التي اعتاد عليها.. فإن فوزنا بالبطولة مسألة مشكوك فيها.