المشهد الأول: رجال المرور وهم يحثون الحجاج على الابتعاد عن طريق السيارات بأصوات مبحوحة تنبىء بمدى الجهد الذي يبذلونه في محاولاتهم المضنية لصرف المشاة عن طريق المركبات، فتشعر بالتعاطف معهم، فهذه الأفواج البشرية المتدفقة في وسط الطريق لا تعترف بحق المركبات في السير وتأبى إلا احتلال الطريق بدلا منها، تأتي نداءات جنود المرور متتالية متكررة فتحقق غايتها مرة وتفشل مرات. وما يظهر هو أن منطقة المشاعر ما عادت قادرة على استيعاب البشر ومركباتهم معا، لذلك هناك حاجة لدراسات تبحث عن سبل أخرى لحل هذه المشكلة. المشهد الثاني: الافتراش يكاد يكون المشكلة المستعصية في الحج، فهؤلاء المفترشون الذين يحتلون قارعة الطريق، فضلا عن كونهم يرسمون منظرا غير إنساني وغير آمن حين ترى الحجاج بمن فيهم النساء والأطفال يفترشون الأرض المملوءة بالنفايات ويلتحفون السماء لا يفصل أجسادهم عن عجلات السيارات المارة بجانبهم سوى سنتيمترات قليلة، هم أيضا يشكلون عقبة في طريق السير ويضطرون المشاة إلى الانجراف إلى طريق المركبات تحاشيا للسير فوقهم. قضية الافتراش باتت تمثل وضعا خطرا وهي في حاجة إلى مزيد من الدراسات المعمقة للوصول إلى حلول أفضل للتغلب عليها. المشهد الثاث: منظر الحجاج وهم يركبون فوق أسطح المركبات، وهو فعل شبيه بالافتراش في الخطورة وتهديد السلامة، فالسماح للحجاج بالركوب فوق أسطح المركبات بلا أحزمة أمان أو مصدات تقيهم من السقوط عند أول ارتجاج تواجهه المركبة أو في حال انقلابها لا قدر الله، هو وإن كان أمرا غايته تيسير التنقل للحجاج إلا أنه فعل يتنافى مع أبسط قواعد السلامة، والملام الأول الذي يجب أن يحاسب عليه حملات الحج التي تسمح باستغلال سطح المركبة دون اتخاذ احتياطات السلامة. المشهد الرابع: منظر الطرقات المملوءة بالنفايات، حتى لا تكاد تجد بقعة تخلو منها، وفي المقابل تبحث عن حاوية للقمامة فلا تكاد تجد، وتبحث عن عامل نظافة واحد فلا ترى أحدا. ومن المسلم به أن الغالبية العظمى من الحجاج يسهمون في تلويث البيئة من حولهم ولا يحافظون على النظافة، لكن هذا ليس مبررا على الإطلاق لترك النفايات تملأ الطرقات، ليس لأن منظرها غير حضاري فحسب وإنما قبل ذلك لأن تركها عامل رئيسي في نشر الميكروبات والأمراض نتيجة تلوث البيئة. المشهد الخامس: منظر الأطفال الصغار والمواليد والرضع وهم يرافقون آباءهم في الحج ويتحملون معهم مشقته وأخطاره مما لم يفرضه الله عليهم لكن آباؤهم فرضوه فجعلوهم عرضة للإصابة بعدوى الأمراض ولأذى الرحلة ومشقتها، وكان أولى بهم ترك الصغار في بلادهم ينعمون بالراحة والأمان. اصطحاب الأطفال الصغار للحج قد يكون للرغبة في البركة أو ابتغاء الأجر، كما قد يكون لعدم توفر من يرعى الصغار عند غياب والديهم، ولكن مهما كان الدافع لاصطحاب الصغار للحج، لابد من الحزم في منع اصطحابهم، رحمة بهم وإشفاقا عليهم قبل أن يكون رغبة في التخفيف من الازدحام.