القربان الحيواني أكثر أنواع القرابين شيوعا منذ ابني آدم وخليل الله إبراهيم وسنة حبيبنا عليهم السلام جميعا، و(عيد اللحم) اسم من أسماء عيد الأضحى عند أهلنا كانت تسبقه الأيام العشر (الوقاف) من مطلع ذي الحجة حتى يوم ذبح الأضاحي، والوقاف تعني التوقف عن الأخذ من الشعر والظفر وأحيانا لا يتطيبون ولا يقطعون شجرة ولا يكسرون غصنا ولا يتطاولون على إنسان ومن خالف فهو قليل دين وحياء، وتسمع النساء يصحن عليه (الله يغديك هبهب ما لك مذهب)، كان القرويون قبل ليلة ذبح الأضاحي يزينون رؤوس وظهور البهائم بالحناء وهذا جانب من الأنسنة بل كان للحيوان والمكان اسماهما شأن الإنسان، أما يوم العيد ففي الغالب يشترك سبعة بيوت في بقرة ويجتمعون في رحاب أوسعهم حوشا وبيتا ويتولى أحدهم الذبح ويجهر بالنية ويرفع صوته بها مرددا (اللهم إن هذا قربان فلان وفلان وفلان وعيد من سلم وغنم من كافة المسلمين) وما هي إلا ساعات حتى يتفاخر ربات البيوت بالعيد الأكثر دسما، ويشتغل الأمهات بتقطيع اللحم قطعا صغيرة ويطبخ في حميس الشحم ويسمى قصيلا أو قليما ويحفظ في دسمه عاما كاملا، وكانوا يعلقون القدر في شرشف أبيض في سقف المنزل حفظا له من القطط وأيادي العابثين حتى لا يعشب،كانت حياة بسيطة وسعيدة والعرضة واللعب مساء العيد طقس جماعي للرجال والنساء وابن عقار يصدح «يا كبش ما يرتعي إلا ثامريْ وحليب عيد، من جلب شمران توه جاذع دون الرباع، مجار ما يطلع جبال عنيه ربخوه، وإذا ورد ما قفة مكة ترايع جلبها» ويحكى أن أحد القرويين كان يعمل في الحج ذباح أضاحٍ مع أحد المطوفين وفي يوم النحر سمعه المطوف يردد مع كل سحبة سكين «عني وعن والديه» فعلق عليه المكاوي «من الذي دفع الدراهم يا واد بلا بكش» عيدنا الله وإياكم رضاه ورحمة سماه.