قال أحد الشعراء الحكماء معبراً عن مدى ما يتمتع به من قناعة ورضى ويقين: إذا أصبحت عندي قوت يومي فخل الهم عني يا سعيد ولا تخطر هموم غدٍ ببالي فإن غداً له رزق جديد أُسلِّم إن أراد الله أمراً فأترك ما أريد لما يريد وصدر البيت الأول مستمد في معناه من حديث نبوي شريف يقول فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم «من بات آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا» أو كما قال عليه أصدق الصلاة وأتم التسليم. ولكن معظم الناس في هذا الزمان قد يكون لديهم ما يكفيهم من قوت أو مال لمدة شهر أو عام ولكنه لا يقنع بما عنده بل يظل يسعى ليكون لديه أكثر فإن لم يحصل على ما يريد ركبه الهم وأحاط بقلبه الغم وأخذ يشكو لمن حوله سوء أحواله حتى تعجب الشاعر أبو العتاهية من كثرة شكوى أهل زمانه، فأنشد قائلا: كل من لاقيت يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن؟ لأنه إذا كان جميع الناس يشكون من دهرهم ويتباكون على ما جرى لهم فيه، فلمن خلقت مباهج الدنيا وخيراتها الحسان .. وإذا جاء من ينكر أن لها مباهج وخيرات فما هي أسباب التكالب عليها والخوف من فراقها إن اقترب موعد الفراق؟! ومن الناس من إذا ذكر بنعمة القناعة وأنها حسب الحكمة كنز لا يفنى اعتبر القائل عاجزا أو محروما وأنه لو استطاع لجمع واكتنز فلما بعد عنه العنقود قال: حامض يا عنب، ومثل هذه الفئة لا تشعر بالسعادة والرضى حتى لو كان عندها مال قارون لأنهم يعانون من جوع نفسي لا سبيل معه إلى أي إحساس بالشبع، بل إن إحساسهم بالجوع يزداد كلما شبعوا أكثر لأنه جوع معنوي لا يطاق فليس يملأ جوفهم إلا التراب! فهرس المخطوطات بمكتبة عبد الله بن العباس قام الأخ الدكتور عثمان الصيني الباحث القدير رئيس تحرير صحيفة مكةالمكرمة بإصدار فهرس للمخطوطات الموجودة بمكتبة عبد الله بن العباس بالطائف وقد تصفحت الفهرس فلمست ما بذله الصيني من جهد مقدر لفهرسة تلك المخطوطات فهرسة علمية، والمنهاج الذي اتبعه في عمله وتعامله مع مخطوطات بعضها اعتراه البلى بسبب الرطوبة والإهمال والإقامة في صناديق لعشرات السنوات فكان ما فهرسه من مخطوطات شملت علوماً متنوعة في مجالات اللغة والفقه والأدب والأنساب، نحو أربعمائة مخطوطة، وقد قرظ الفهرس معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز محيي الدين خوجة الذي أثنى ثناءً عاطراً على الجهد الذي بذله الدكتور الصيني لإخراج الفهرس وجعله متاحاً بين أيدي طلاب العلم والباحثين.