جاءت كلمة المملكة والتي ألقاها الأمير سعود الفيصل في الأممالمتحدة، بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم لإحلال الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والسلم والأمن في العالم ولاجتثاث الإرهاب ولجم التنظيمات الإرهابية التي أصبحت تمثل تهديدا ليس فقط للمجتمعات العربية بل للعالم. وعندما يؤكد الأمير سعود الفيصل أن المملكة حريصة على بذل قصارى جهدها دوما سعيا لتحقيق أهداف العمل الجماعي تحت مظلة الأممالمتحدة، وتطالب بضرورة اتخاذ السياسات والقرارات المصيرية والحازمة لمواجهة هجمة الإرهاب الشرسة التي أصبحت جيوشا بعد أن كانت خلايا، وأصبحت تستهدف دولا بعد أن كانت تستهدف بؤرا، فإن المملكة تدق ناقوس الخطر مجددا لخطورة الفكر الإرهابي وضرورة تعزيز التعاون الدولي لمكافحته عبر كل الطرق والوسائل الممكنة. ويجب أن نؤكد هنا أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان أول من حذر من خطورة التنظيمات الإرهابية وضرورة عدم التهاون معها. وعندما تتحدث المملكة عن أوضاع العالم والمنطقة والإرهاب، فإنها لم تنس قضية المسلمين الأولى القضية الفلسطينية التي تعتبر جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، حيث تساءلت المملكة، متى يتحرك المجتمع الدولي لإنصاف الشعب الفلسطيني وردع إسرائيل عن سياساتها التعسفية؟. وإذا رغب المجتمع الدولي أن تنعم المنطقة والعالم بالسلام والاستقرار فإن عليه إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية وإنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وبدون حل القضية الفلسطينية فإن الاضطرابات ستستمر في المنطقة والعالم. الأزمة السورية كانت حاضرة وبقوة في كلمة المملكة التي كانت من أوائل الدول الداعمة للشعب السوري الذي يواجه آلة الحرب الأسدية التي أهلكت الحرث والنسل، حيث شددت المملكة على أنها كانت ولا زالت داعمة للمعارضة السورية المعتدلة، ومحاربة الجماعات الإرهابية على الأراضي السورية، وبذلك فإن المملكة تعكس اهتمامها الشديد بالأزمة السورية التي دخلت عامها الثالث بلا حل ودعم المعارضة المعتدلة وضرورة اجتثاث إرهاب الأسد والذي يعتبر الحاضن الأول لتنظيم «داعش» الظلامي. اليمن وما يجري فيه، أيضا كان محل اهتمام كبير في مضامين الكلمة، حيث أعربت المملكة عن أملها بأن يحقق اتفاق السلم والشراكة الوطنية المبرم بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي تطلعات الشعب اليمني نحو وقف العنف والاقتتال واستكمال العملية السياسية، مشيدة بما بذله الرئيس هادي من جهود مكثفة للوصول إلى اتفاق يجنب اليمن الفوضى وإراقة الدماء. وهذا يعكس أن ما يجري على الأرض اليمنية يعتبر هاجسا كبيرا للمملكة التي تحرص أن ينعم الشعب اليمني بالأمن والاستقرار وأن تنتهي التدخلات الخارجية في شأن اليمنيين. لقد وضعت المملكة من كلمتها الشاملة في الأممالمتحدة النقاط على الحروف وأكدت أنها لن تألو جهدا للعمل لما فيه خير الأمة الإسلامية والبشرية، وأداء دورها الإنساني والسياسي بحس المسؤولية وتعزيز قيم الاعتدال والوسطية.