في الأسبوع الماضي كان لي شرف حضور مسابقة (أنا أقرأ) التي يقيمها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي في الظهران التابع لشركة أرامكو. وكان من المدهش والمثير للاهتمام ذلك العدد الكبير من أبناء الوطن الذي شاركوا في هذه المسابقة. صحيح أنه تم تصفية القليل منهم ودخولهم في المشاركة، إلا أن العدد الكبير الذي شارك في هذه المسابقة محفز على الفأل الجميل في وجود جيل ناشئ قارئ. هذا الجيل هو ما تبحث عنه أرامكو من خلال مركزها حتى يصل إلى مليوني قارئ في حدود 2020م كما هو مبين في بعض المنشورات التي صاحبت المسابقة. أرامكو هنا تستثمر في الإنسان كما استثمرت في المكان. تستثمر بواطن العقول كما استثمرت بواطن الأرض. في وطننا الكثير من الشباب الذين يمكن أن يصنعوا مستقبلا جميلا لو التفتنا إليهم، وقدمنا لهم برامج ثقافية تناسبهم، كما فعلت أرامكو في هذه المسابقة لعامها الثاني. يقوم على هذا المركز عدد من الشباب المثقف والواعي والمجتهد، ولكن سوف يطول الحديث لو عددت أسماءهم، وربما ذكرت البارزين وتجاهلت جنوداً مجهولين، لكن يبدو أن العمل كان عملا جماعياً امتد لسنة كاملة ما بين مختلف مناطق المملكة.أما عن الشباب والشابات المشاركين في المسابقة، فقد كانوا مدهشين بحق. تكمن هذه الدهشة من نوعية قراءاتهم الفكرية والروائية؛ خاصة إذا علمنا أن مراحلهم الدراسة تتراوح مابين المتوسطة والثانوية والجامعية. نوعية القراءة تنم عن وعي كبير لديهم رغم صغر سنهم، ولهذا السبب كان تصدرهم في المسابقة ليس مستغرباً. على مدى ثلاثة أيام كان حضور الشباب والعروض المصاحبة لقراءاتهم مدهشة وممتعة. ليس من السهل أن تجمع بين الثقافة الجادة والمتعة والترفيه. تعودنا أن تكون الثقافة جامدة؛ لكنها مع هذه المسابقة كانت تدخل الترفيه والتقنية في العروض لتقول لنا الثقافة الشبابية الجديدة : نحن هنا. من اللافت أيضا غياب ثقافة (البشوت) كما يقول الكاتب الزامل في مقال له عن هذه المسابقة. أرامكو متفردة في هذا الجانب. كنتُ دائما أراهن على استقلالية الثقافة عن الإدارات الرسمية في البلد، وهاهي تحقق مع هذه المسابقة التي أشك في قدرة مؤسساتنا الثقافية الحكومية على تحقيقها. أرامكو ليست شركة نفطية وحسب؛ بل يطلعنا تاريخها على حراك ثقافي صنع جزءاً من ثقافة هذا المجتمع، ومن المهم أن تتمدد آليات العمل الإداري والثقافي في أرامكو لتشمل بقية مناطق المملكة.