المتتبع لمسارات المهرجانات الترفيهية والثقافية في الإجازات والأعياد سيكتشف مدى ابتعادها عن المضامين الثقافية والترفيهية الضرورية لتدخل في نفق الأنشطة المبتذلة والمسابقات المعلبة والبرامج الفكاهية الساذجة؛ فالهدف الرئيس من هذه البرامج ليس الترفيه وقطع وقت الفراغ فحسب؛ بل هناك هدف ثقافي وتربوي لغرس القيم النبيلة والارتقاء بمستوى وعي الأفراد والجمهور، والشعور بالانتماء الوطني والحضاري لكي تسهم بدورها في خلق ثقافة تناسب هذا الجيل الواعي وتساير المرحلة والتحديات الراهنة؛ فالحاجة أصبحت ملحة لأن تكون هناك نشاطات متنوعة تناسب جميع المراحل العمرية من عروض للأفلام الوثائقية ومعارض للفنون التشكيلية وعروض مسرحية جادة لتنزع بمتابعيها عن تفاهة المسلسلات والكوميديا التهريجية في الفضائيات العربية، كما أنه لابد من التواصل بين المؤسسات المعنية بالسياحة والمؤسسات الثقافية لعرض ندوات وقراءات فكرية وعلمية وأدبية تعرض بأسلوب مشوق ومتميز بعيداً عن الطرح الممل والجامد لتصب في نهر واحد يرتشف منه جميع المستفيدين من هذه الفعاليات والمهرجانات، ويصبح هناك مزيد من التكاتف والتعاضد والتلاحم بين جميع الجهات المعنية بالعمل الثقافي مع مؤسسات السياحة لتقدم جميعها عملًا تكاملياً يُظهر الصورة الجميلة والإيجابية لمهرجاناتنا ومناسباتنا. كما أن الدور منوط بجمعيات الثقافة والفنون خصوصاً النشاط المسرحي الذي نلحظ خموله وتوجهه إلى النخبوية وبعده عن العروض الجماهيرية مما أدى إلى قيامه بتعليق أنشطته فترة الإجازات معلِّلاً عدم وجود جمهور، وإن كانت هناك جهود تسير بخطى خجولة في مثل هذه المناسبات ولكنها لم تصل للمستوى المأمول؛ فالحاجة ملحة لحراك مسرحي جاد فترة الإجازات بعيداً عن الأفكار المكرورة والسطحية لمناقشة قضايا اجتماعية ومعاصرة بأسلوب فني حديث وخلق أفكار محلقة لاستقطاب الجمهور كون المسرح منبراً تنويرياً حضارياً تقاس به حضارة الشعوب. وقفل الكلام :نتمنى أن يدرك المسؤولون والمهتمون أهمية هذا الموضوع، وأن تمنح الفرصة لشباب متخصصين في تخطيط المهرجانات بدلاً عن أن تهدر الجهود سدى نتيجة قرارات متسرعة غير مدروسة وغير منطقية… وكل عام ومهرجاناتكم أوعى وأرقى.