أتعاطف كثيرا مع رئيس وزراء لبنان «تمام سلام» وحكومته في أزمة خطف «داعش» لجنود لبنانيين، وتهديد «داعش» للحكومة اللبنانية بقتل الجنود، إن لم تنفذ الحكومة مطالبهم فتطلق سراح مساجين «داعش» من السجون اللبنانية. ففي مثل هذه القضايا يتكشف للمراقب حجم الأزمة في العالم العربي، وأن المعارضة في بعض الأحايين تصبح أسوأ من الحكومات، إذ تنطلق المعارضة من أهداف تختلف عن أهداف «أي معارضة في العالم»، مفادها: «علينا أن نفعل كل شيء لإفشال الحكومة»، فيما أهداف المعارضة هي مراقبة الحكومة ومنعها من فعل أي شيء للمصالح الفردية والفئوية الضيقة. ففي أزمة الجنود المخطوفين ما فتئت المعارضة اللبنانية بين حين وآخر تستغل مأزق أهالي المخطوفين بتسيير مظاهرات ضد الحكومة، يرفعون شعارات «لو ابنك مخطوف يا تمام ما كنت فيك تنام»، وأخرى تستبدل اسم رئيس الوزراء بقائد الجيش. حتى في المنابر الإعلامية شنت المعارضة هجوما على الحكومة، واتهمت الجيش اللبناني بعدم قيامه بمهامه، فلم يؤمن أو يحمي حدود لبنان، مع أن المعارضة تعرف إمكانيات الجيش اللبناني، وتعرف أيضا أن الجيش الآخر بلبنان «حزب الله» يتسلل من الحدود اللبنانية لسوريا ويعود إليها، ولا يستطيع الجيش منعه بالقوة خوفا من إدخال لبنان حربا أهلية من جديدة. المدهش أن أزمة الرهائن اللبنانية كانت في نفس توقيت أزمة اختطاف الصحفيين الأمريكيين والمواطن البريطاني، ولم تسير المعارضات مظاهرات ضد الحكومة البريطانية والأمريكية، أو تحمل شعار «لو ابنك مخطوف يا أوباما ما كان فيك تنام»، بل إن المعارضة لو اكتشفت أن رئيس وزراء بريطانيا أو رئيس أمريكا وافق على شروط الخاطفين ونفذ مطالبهم بالخفاء، لإنقاذ المخطوفين، لشنت عليهم حملة عنيفة. لأن المبدأ أو المصلحة العامة يمنعك من أن ترضخ للمجرمين وتنفذ مطالبهم لإطلاق سراح مواطن أو بعض مواطنين، فتجعل كل أفراد الشعب رهائن محتملة في المستقبل، طالما الحكومة توافق على شروط الخاطفين. خلاصة القول: إن الأزمة في العالم العربي أزمة فكر وغياب وعي عند أغلب الشعوب، أنتجا أزمة قيم ومبادئ، وهذا ما جعل الإنسان العربي وفي أحايين كثيرة يضحي بالمصلحة العامة لمصالحه الشخصية، بغض النظر هل كان يعمل في الحكومة أو يلعب دور المعارضة؟. [email protected]