طغت الأحداث الأمنية في اليوم الأخير من عطلة عيد الفطر في لبنان سواء بالنسبة الى قضية خطف الطيّاريْن التركيين فجر الجمعة الماضي بعيد خروجهما من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، أم بإطلاق النار على رئيس بلدية عرسال البقاعية علي الحجيري بعد ظهر أمس إثر عملية تبادل للمخطوفين بين عائلات وعشائر، ما أدى الى مقتل شخص من آل الحجيري كان برفقته. وفيما يتهيأ الوسط السياسي لاستئناف النشاط السياسي ولا سيما الاتصالات حول تأليف الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس تمام سلام، أمل وزير الداخلية مروان شربل «قرب التوصل الى خاتمة سعيدة» لقضية الطيارين، مؤكداً تتبع حركة الاتصالات الهاتفية في الفترة التي سبقت وتلت عملية خطفهما. وقال السفير التركي في لبنان إينان أوزيلديز ل «الحياة» أمس إن «لا معلومات جديدة منذ خطف الطيارين التركيين قبل يومين سوى تطمينات تلقيناها من المسؤولين اللبنانيين بأن الطيارين بصحة جيدة ولا معطيات مخالفة جاءتنا في هذا الصدد. والجانب اللبناني يبذل جهداً بالتعاون مع السفارة، للإفراج عن الطيارين. ونحن نعلق أهمية على هذه الجهود وواثقون بأن المسؤولين يعملون بصدق لطي هذا الملف لأن الخطف يسيء الى مصالح لبنان، على الصعيد السياحي». وأشارت مصادر مطلعة الى أن خاطفي الطيارين لم يكونوا طرحوا حتى بعد ظهر أمس مطالب غير تلك التي ظهرت في بيان لمنظمة وهمية أطلق عليها اسم «زوار الإمام الرضا» وهي الإفراج عن الرهائن اللبنانيين التسعة المحتجزين في مدينة إعزاز السورية منذ ما يقارب سنة و3 أشهر، مقابل الإفراج عن الطيارين. وفي المقابل أوضحت المصادر المطلعة أن العمل جارٍ على الإفراج عن الطيارين بمعزل عن قضية مخطوفي إعزاز الذين كانت الاتصالات جارية في شأنهم لأن الملفين مختلفان». وقالت عضو لجنة المتابعة لقضية مخطوفي إعزاز حياة عوالي ان أهالي المخطوفين سيستأنفون تحركاتهم بدءاً من اليوم ضد المصالح التركية في لبنان، وتمنت على خاطفي الطيارين ألا يخضعوا للضغط، معتبرة أن ما قاموا به «هو من أجل قضيتنا». وكان أهالي المخطوفين أوقفوا اعتصامات وتظاهرات أمام المصالح التركية في بيروت بناء لتحرك قامت به السلطات اللبنانية مع الجانب التركي من أجل مبادلة ذويهم مع نساء سوريات في السجون السورية، فأفرجت السلطات السورية عن 30 منهن من دون أن يفرج لواء عاصفة الشمال في المعارضة السورية عن أي من الرهائن اللبنانيين، وهو ما أثار حفيظة المفاوضين اللبنانيين ازاء الخاطفين في الجانب السوري، وتحدثوا عن ضعف تأثير الجانب التركي على الخاطفين السوريين، بينما حمّل أهالي المخطوفين الجانب التركي المسؤولية. وتردد مساء أن الأجهزة الأمنية رصدت اتصالاً بين أحد أقارب مخطوفي إعزاز وخاطفي الطيارين التركيين وأنه جرى توقيفه لاستجوابه. وتواصلت أمس ردود الفعل على خطف الطيارين التركيين فاعتبر البطريرك الماروني بشارة الراعي خطفهما «مشيناً ومسيئاً للبنان»، وأن «الأمن على طريق مطار بيروت يوصَم بوصمة عار تشوه وجه لبنان». من جهة أخرى، قتل شخص وأصيب 3 آخرون بينهم رئيس بلدية عرسال علي الحجيري حين أطلق النار على سيارته في البقاع أثناء عودته من عملية تبادل مخطوفين جرت في بلدة رأس بعلبك. واستدعى الحادث استنفاراً سياسياً وأمنياً لتفادي انعكاساته مع تزايد الحوادث التي تأخذ طابعاً عشائرياً ومذهبياً في المنطقة بين عرسال ومحيطها. وتابع رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع المسؤولين الأمنيين المعنيين ملابسات الحادثة وطلب اتخاذ «أقصى التدابير لضبط الوضع والقبض على الفاعلين وإحالتهم الى القضاء». واعتبر سليمان ان «اللجوء الى مثل هذه الأساليب، في وقت كانت قضية الإفراج عن المخطوفين تشهد تقدماً، يزيد الأمور تعقيداً ويخلق مشكلات جديدة تراكم قضية المخطوفين ولا تؤدي الى حلها». وأجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، اتصالات مع كل من وزير الدفاع فايز غصن، الوزير شربل ورئيس الأركان في الجيش اللواء وليد سلمان ووجهاء بلدة عرسال، وشدد على «ضرورة التعاون بين جميع أبناء المنطقة لمعالجة تداعيات الحادث ومنع أي محاولات لافتعال فتنة». وأكد أن الأجهزة الأمنية «تقوم بواجبها لتوقيف المعتدين وإحالتهم على القضاء». واتصل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بالحجيري وقائد الجيش العماد جان قهوجي داعياً لملاحقة الفاعلين، ومعتبراً أن الحادث «يقع في اطار محاولات جر البلاد الى مزيد من الاحتقان». وشدد على «عدم الانجرار الى ما يريده الداعون الى الفتنة والعاملون على إشعالها». وطالب الرئيس سلام بالتعامل بأقصى الحزم وملاحقة الفاعلين، ورأى أنه «في الوقت الذي كانت تبذل الجهود لتبادل المخطوفين وإجراء مصالحة بين عائلات عرسال واللبوة جاء الكمين الذي تعرض له رئيس بلدية عرسال ليكشف هشاشة واقع البقاع»، مشدداً على «التصدي لمحاولات الفتنة». ودعا «العقلاء الى التزام الحكمة لتفويت الفرصة على الراغبين بالعبث بأمن البلاد». وأصدرت قيادة الجيش بياناً عن الحادث أكدت فيه أن «لدى مرور موكب سيارات يستقله أشخاص من بلدة عرسال على طريق بعلبك – الهرمل، تعرض لإطلاق نار من مجموعة مسلحين، ما أدى الى اصابة 4 بجروح مختلفة، ما لبث أن فارق أحدهم الحياة متأثراً بجروحه. كما أقدم المسلحون على خطف شخصين من التابعية السورية كانا ضمن الموكب». وأكدت قيادة الجيش أن «وحداته المنتشرة خصوصاً في البقاع الشمالي، اتخذت تدابير استثنائية لمنع تفاقم الأوضاع، بما في ذلك اقامة حواجز ثابتة ومتحركة وتسيير دوريات، كما باشرت تنفيذ عمليات بحث وتحرٍ لتحديد هوية المرتكبين وتوقيفهم وإحالتهم الى القضاء».