من الإنجازات التي يحق لوزارة العمل أن تفخر بها، أنها استطاعت التوسع في مجال عمل المرأة ومنه تمكينها النساء الدخول إلى مجال المحاسبة وبيع المستلزمات النسائية بعد أن كانت حكرا في أيدي الرجال، فأحسنت إلى النساء في جانبين، جانب البائعات اللاتي وجدن أعمالا تسد حاجتهن، وجانب المشتريات اللاتي كن يجدن شيئا من الحرج عند التعامل مع الرجال في شؤون نسائية بحتة. وهذه الأعمال البسيطة هي وإن كانت ليست مطمحا للنساء اللاتي يحملن درجات علمية عالية ومتخصصة، إلا أنها بالنسبة لنساء طبقة الدخل المحدود والتعليم البسيط، تعني الشيء الكثير، وتسد عندهن حاجة يتلهفن إلى سدها. لكنهن ما إن بدأن خطواتهن الأولى نحو العمل حتى أخذت تظهر أمامهن عوائق عسيرة تعترض الطريق وتجبرهن على النكوص إلى بيوتهن والتخلي مرغمات عن تلك الفرصة الذهبية التي أتيحت لهن لسد حاجتهن. وفي هذا الشأن كتب الأستاذ حمد القاضي في صحيفة الجزيرة بتاريخ (8/9/2014) مقالا بعنوان (المرأة ومعوقات عملها بالقطاع الخاص واستمرارها فيه). ونص في مقاله على بعض المشكلات التي تعانيها النساء العاملات في القطاع الخاص وتتسبب في إعاقتهن عن الاستمرار في عملهن وكثرة التغيب والانقطاع عنه، وأثر ذلك على حياتهن وقدرتهن على الصمود في مواجهة تلك المصاعب. وقد حصر الكاتب معاناة العاملات في القطاع الخاص في مشكلات خمس هي (النقل، وبيئة العمل، وقصر الإجازات، والعمل بالليل، وعدم توفر حضانات)، وغني عن القول إن هذا لا يعني أنه لا توجد مشكلات غيرها تواجه المرأة العاملة، إلا أنه يرى أن هذه المشكلات هي الأكبر والأقوى التي لها أثر بارز على استمرار المرأة العاملة على رأس العمل أو انسحابها منه. وهذه المشكلات غالبا لا يتعرض لمثلها الرجل، فالرجل لا يعاني مشكلة النقل وصعوبة الوصول إلى مكان العمل، لأنه ليس ممنوعا من قيادة السيارة مثل المرأة، ومن ثم هو ليس في حاجة إلى أن يبحث عمن يتفضل عليه بإيصاله لمقر عمله، كما أن بإمكانه السير في الطريق بحرية تامة وامتطاء أي سيارة أجرة عابرة، أما المرأة فلا تملك مثل هذه المزايا، وليس أمامها سوى استئجار سائق خاص أو سيارة أجرة، متى لم يتوفر لها قريب متفرغ يقوم بمهمة إيصالها من وإلى مكان عملها، وهذا فيه من الكلفة الاقتصادية ما قد يستهلك ثلثي راتب الموظفة البسيطة إن لم يستهلكه بأكمله. والمشكلة الثانية التي أشار إليها الكاتب ولا تقل أهمية عن هذه، رعاية الأطفال عند غياب أمهم في العمل، فنظام العمل لدينا لا يلزم جهات العمل بتأمين حضانات للأطفال، مما يسبب للأمهات مشقة كبيرة في البحث عمن يرعى أطفالهن أثناء غيابهن، فالحضانات الخاصة رسومها مرتفعة لا تسمح رواتبهن الزهيدة بتسديدها، ولا توجد حضانات حكومية أو خيرية يستطعن اللجوء إليها. فتضطر المرأة إلى ترك العمل رغم حاجتها إليه لأنها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها نحو عملها إلى جانب رعاية أطفالها. أخيرا يوصي الكاتب بدعم المرأة العاملة من خلال حل مشكلاتها خاصة هاتين الحاجتين الضروريتين، وذلك بإلزام جهات العمل بتخصيص وسيلة نقل تنقل العاملات من وإلى مقار عملهن، وإنشاء حضانات غير ربحية في المجمعات الكبيرة تستطيع العاملات تسجيل أطفالهن فيها خلال وقت عملهن. فذلك أدعى لاستمرار المرأة في عملها الذي هي في أشد الحاجة إليه.