أكد الدكتور علي عبدالله مرزوق، مدير فرع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية «جسفت» في عسير وأستاذ السياحة والآثار المساعد بجامعة الملك خالد، أن إنسان شبه الجزيرة العربية استطاع أن يستلهم فنه من بيئته وطبيعة أرضه من حوله بما تحمله هذه البيئة من إنسان وحيوان ونبات، كما سجل انطباعاته، وعاداته الدينية، والثقافية، والاجتماعية وقام بتسجيل كل ذلك على جدران كهفه، وعلى الصخور القريبة منه، وهكذا كانت الرسوم الصخرية أول عملية تسجيل ثقافي معلوماتي في شبه الجزيرة العربية عن طريق استخدامهم لمجموعة من الأشكال، والرموز، والرسوم الآدمية والحيوانية. وأضاف مرزوق، في محاضرته «الرسوم الصخرية في المملكة»، ضمن فعاليات متلقى جسفت الأول «آثارنا إبداع يعانق الحاضر»، أن دراسات ومسوحات كثيرة كشفت عن مواقع الرسوم الصخرية ودراستها، وكان من نتائجها للجزء الشمالي الغربي من المملكة أنه تم تسجيل 6896 من الرسوم الصخرية، تمثل رسوماً آدمية وحيوانية، وسجلت الإدارة العامة للآثار والمتاحف في الموسم الخامس عام 1410ه دراسة شملت الطائف وأجزاء من منطقة عسير، مثل: «النماص، وتنومة، وبيشة»، سجلت فيها بيشة أعلى نسبة رسوم ب 32 موقعا، تليها الطائف ب 17موقعا. أما في الموسم السادس من العام 1411ه 1990م تم حصر وتسجيل الرسوم والنقوش الصخرية في وادي الدواسرونجران، وبلغ عدد المواقع التي سُجلت في ذلك الموسم 126 موقعا، غالبيتها تقع في نجران ب 86 موقعا، يليها تثليث ب 35 موقعا، ثم النماص ب 3 مواقع. وأوضح، أن هذه الرسوم الصخرية تقع على سفوح الجبال الصخرية، وقريبة من الأماكن التي استقروا فيها، والطرقات التي يسلكونها، وعلى الحوائط الداخلية للكهوف، وبالقرب من المواقع الأثرية والدروب القديمة، مشيرا إلى أن هناك أسبابا لتلاشي الكثير من الرسوم الصخرية، منها: عوامل التعرية، والعبث والتخريب البشري، وضعف الحفر على الصخر، وضعف الصخور نفسها، وقلة صلابتها، وسهولة تكسرها وتقشرها، وحرائق الغابات، والصواعق، والتعرض لأشعة الشمس الحارقة. وقال إنه من بين أهداف الرسوم الصخرية: «أهداف سحرية، ودينية»، وأن بعض منها تستخدم كعلامات رمزية وربما لغة تخاطب بين أفراد المجتمع الواحد، وتعد الشاهد الوحيد على علاقة الإنسان ببيئته، وظروف عيشه فيها، وعاداته وتقاليده، وأنها أسهمت بشكل مباشر في التعرف على بعض الدروب، والمستوطنات البشرية القديمة، وتصاحب الرسوم الصخرية عادة نقوش «كتابات» يستفيد منها سكان المنطقة في وسم «وشم» حيواناتهم بواحدة من هذه النقوش الغنية بالأشكال الكثيرة والمتنوعة، بغرض تمييز وتحديد مواشي كل قبيلة عن الأخرى، إضافة إلى الهدف الجمالي التزييني، والتذكاري. أما مواضيع الرسوم الصخرية فحددها المحاضر في موضوعات: الصيد، والمعارك، ومشاهد الحياة اليومية، والطقوس الدينية.. ومن ناحية أشكال الرسوم الصخرية فتتنوع بين الأشكال الآدمية، والحيوانية، مثل: النعام، والوعول، والخيول، والجمال، والأبقار، والماعز، والكلاب، والحيوانات المفترسة، إضافة إلى الوسوم «الوشوم»، والرسوم المقترنة بكتابات، والرسوم متعددة الأشكال.