في العام الماضي، قام «مجلس الشورى» بحملة ترويجية للتواصل مع المجتمع أو لبناء جسور بينه وبين أفراد المجتمع، وكان قد دعا القيادات الإعلامية وكتاب الرأي؛ لمناقشتهم في هذه القضية، وكان عنوان الدعوة: «واقع الإعلام والاتصال في مجلس الشورى وسبل تطويره من وجهة نظر القيادات الصحفية وكتاب الرأي، وكيف يرونه، وسبل تعزيز التواصل بين المجلس والإعلام للوصول للمجتمع»؟ وكانت هذه الحملة لشعور «مجلس الشورى» بوجود قطيعة أو فجوة كبيرة بينه وبين المجتمع والإعلام، ويحاول ردمها، أو هكذا بدا الأمر. هذا العام، وفي الأسبوع الماضي تحديدا، منع مجلس الشورى وسائل الإعلام من حضور جلسته، متعللا بالسرية، وأن المعلومات أو التقرير المقدم يعتبر من المعلومات المحظور نشرها بالإعلام، وكانت الجلسة تناقش «تقرير المؤسسة العامة للتقاعد»، مما أثار استياء الإعلام والصحفيين، بل وبعض أعضاء المجلس من خلال تساؤل أحدهم عما إذا كانت السياسة الإعلامية للمجلس تخضع للأجهزة التنفيذية. كنت سأتفهم هذا المنع لو أن القضية المطروحة للنقاش بمجلس الشورى تدخل ضمن قضايا «الأمن القومي»، أو مناقشة الخطط العسكرية لحماية الدولة وحدودها ومؤسساتها وبناها التحتية ومنشآتها الاقتصادية، وهذه القضايا عادة لا تطرح على جميع أعضاء «مجالس الشورى أو البرلمانات» بكل تفاصيلها الدقيقة، ويتم اختصار المجلس إلى قلة من الأعضاء ينتخبهم المجلس أو ما يسمى «مجلس الأمن القومي»؛ لمناقشة مثل هذه القضايا للحفاظ على السرية، حتى لا تتسرب هذه المعلومات للإعلام، فتستغلها الدول المعادية. لكن القضية والنقاش لا دخل له «بالأمن القومي» من قريب أو بعيد، فهو شأن يخص ويهم أفراد المجتمع، وخصوصا موظفي القطاع العام المدني والعسكري المحالين على التقاعد، ووصول ما دار بالجلسة من نقاش حول هذا الأمر يعزز ويدعم ما كان يبحث عنه «مجلس الشورى» العام الماضي، حين طرح سؤال: «سبل تعزيز التواصل بين المجلس والإعلام للوصول للمجتمع»؟ ومنع الإعلام والصحفيين من متابعة ونقل الجلسة التي يناقش فيها المجلس هموم وقضايا أفراد المجتمع يطرح سؤالا مهما مفاده: هل المجلس يعمل ضد مصالحه؟، من جهة يريد التواصل والوصول للمجتمع، ومن جهة أخرى يمنع من يريد الوصول له من معرفة كيف يناقش قضاياه؟.