وصل لنا من الأجداد أن الملك المؤسس طيب الله ثراه لم يكن يخلد إلى فراشه ليلا لينام، إلا بعد أن يطلع على البرقيات اليومية، التي عود أمراء المناطق أن يبعثوها إليه، بما دار في مناطقهم خلال 24 ساعة، ويوجه كلا منهم بما يفعل. وهي سنة حميدة أن تقوم وشائج الصلة المباشرة دوريا بين المسؤول المحلي وولي الأمر في الدائرة المركزية، لحل الأزمات ومعالجة أوجه القصور أولا بأول بما يحقق الصالح العام رغم ندرة وسائل الاتصال في ذلك الزمان. في ذاك العهد البعيد، والناس قليلون، والإدارة بسيطة، والحل والربط بيد رأس الدولة آنذاك مباشرة، كان هذا الأسلوب مثاليا، فماذا يسد مسده الآن وقد تباعدت الأطراف وتعاظم البناء وتنامت أعداد العباد، وضربت المدينة الأرجاء حتى لم تعد الحياة بذات السهولة والبساطة التي كانت عليها آنذاك ؟!. لعل صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم، قد قدم لنا الجواب، وهو الأمير المبادر دوما بالفكر الجديد في كل موقع عمل تبوأ، حتى عرف يحفظه الله بأمير الإرادة والإدارة. فقد طالعتنا وسائل الإعلام مؤخرا بأنه قد رفع إلى المقام السامي الكريم تقريرا مفصلا، بنتائج أعمال وزارته خلال الشهور الستة الأولى التي قضاها في الوزارة، وهكذا كان ديدنه في مواقع عمله أن يرفع للمسؤول الأعلى المباشر بتقرير مماثل، ولعله بذلك أحيا سنة حسنة لجده العظيم في الحكم، على مستوى الوزارات الآن وبالطريقة العصرية. إنه أسلوب إيجابي على أكثر من وجه، حيث يحقق الرقابة الذاتية للوزير في عمله، وعلى الجانب الآخر يجعل ولي الأمر على اطلاع كامل بأعمال الوزارات، ويمكنه من المبادرة بتوجيه الجهات المختصة صاحبة الصلاحية لتقديم الحلول السريعة لما قد يطرأ من تعثر أو تعطيل في المشاريع والخدمات أولا بأول، دون تراكم يعقد المشكلة ويجعل الحل أصعب تنفيذا وأعلى كلفة. ولعل هذه الفوائد المجتمعة التي يحققها هذا الأسلوب يجعلني وكل مواطن أقترح تعميمه، بحيث يقدم كل الوزراء ورؤساء الدوائر والمصالح الحكومية والمؤسسات العامة تقارير ربع أو نصف سنوية على أقل تقدير، بما أنجر من أعمال في وزاراتهم، وما أنجز من مشاريع معتمدة، وما تعثر أو تأخر وأسباب ذلك إن وقع، بل لعلي لا أجاوز الحقيقة إذا أضفت إلى الاقتراح ألا يتم اعتماد مشاريع جديدة دون معرفة ماتم إنجازه وما تعثر وأسبابه، ولعل هذا الأسلوب يسري على مديري الإدارة والأقسام في الوزارات والمصالح الحكومية داخلها وذلك برفع تقارير شهرية إلى رؤسائهم بعدد ما أحيل لهم من معاملات وما تم إنجازه وأسباب تعثر البعض. إن في هذا الأسلوب رقابة داخلية ذاتية تجعل الشفافية مقصدا وهدفا. آخر الكلام ... تخطيط + عطاء + رقابة = إنجاز.