دول العالم مشغولة ب«داعش» وبجماعات التطرف السنية في العراقوسوريا، والمملكة تفكر في استضافة مؤتمر دولي لمكافحة هذا الإرهاب بعد أسبوع تقريبا، ويتوقع أن يحضره وزراء خارجية عرب وأجانب، وقد اتفقت عشر دول مهمة في حلف الناتو على إقامة تحالف عسكري ضد «داعش» تقوده الولاياتالمتحدة وبريطانيا، ولعل اللافت في الموضوع هو التنوع الكبير في جنسيات المنضمين ل«داعش» وهم وباستثناء القائمة العربية، جاءوا من أمريكا وألمانيا وهولندا وبريطانيا وفرنسا وروسيا وفنلندا وآيرلندا وغيرها، وأعدادهم بالمئات وأحيانا بالآلاف، وليسوا جميعا من أصول عربية مثلما يعتقد، ووضعت محال «آن سامرز» البريطانية، اختصارا بالأحرف الأولى الإنجليزية لعبارة «الدولة الإسلامية في العراق والشام» على ماركة أزياء خاصة بغرف النوم، ثم أوضحت أن هناك لبسا، فالاسم مأخوذ من الآلهة الفرعونية القديمة «إيزيس» ولا علاقة له بالتنظيم الإرهابي، والماركة الجديدة حققت أرباحا عالية ولم تسحب من السوق، وربما اشتراها «البغدادي» من باب الدعاية أو لاستخداماته الشخصية، وتوجد فرقة «روك» أمريكية واجهت مشاكل مشابهة وغيرت في اسمها جزئيا بطريقة توضح هويتها. المصادر شبه المحايدة تتكلم عن ميزانية مليارية في يد التنظيم، وأن مصادرها تأتي من سلب الأموال وفرض الضرائب والاقتطاع من المساعدات الإنسانية في المناطق المنكوبة، ومن المتاجرة بالنفط الذي سيطر عليه، ومن الاستثمار في أسواق النخاسة المخصصة لبيع سبايا حروبه مع الكفار في رأيه، وأنهم استفادوا من ترسانة أسلحة ومعدات ثقيلة، وفرتها لهم ظروف الحرب وبعض الجهات المستفيدة من الأزمة، وقد أحكموا السيطرة على سد الموصل الذي يحتاج إلى صيانة مستمرة، وإلا فانهياره وارد جدا وسيؤدي في حالة حدوثه إلى غرق ثلث المدن العراقية، و«داعش» سيطر على مخزون الجيش العراقي من المواد الكيماوية، وبين صفوفه خبراء في الفيزياء والكيمياء، وفي استطاعته إذا أراد إنتاج أسلحة بيولوجية، ونشرت صحيفة «التلغراف» البريطانية يوم 29 أغسطس 2014 أن «داعش» أو ما اسمته ب«الدولة الإسلامية» تخطط لاستخدامها في حروبها مع الحكومة العراقية والأكراد والنظام السوري، وستنقل عن طريقها وباء الطاعون المصنع في معاملها البيولوجية، وذلك بوضعه في مياه الشرب أو أجهزة التكييف المركزية، أو أن يكون ضمن تركيب مادة متفجرة في عملية انتحارية، أو مخبأ داخل صاروخ. كما قلت المسألة لا تخص العرب وحدهم، ومن الأمثلة، الأمريكي دوغلاس ماكين، الذي قتل في سوريا قبل عشرة أيام أو يزيد، ودوغلاس ليس مراهقا وعمره 33 سنة، وقد سكن مدينة سان دييغو وولاية مينسوتا، وغادر من الأولى إلى سوريا عبر تركيا بدون سابق إنذار، ولا توجد معلومات مفيدة غير أنه لم يكن متطرفا، وتحول إلى الإسلام في 2004 ولم يكمل تعليمه الثانوي، ونشرت صحيفة «يو إس ايه توداي» الأمريكية في عددها ليوم السبت 6 سبتمبر 2014 أن وزارة الخارجية في واشنطن بدأت حملة كبيرة في منصات الإعلام الاجتماعي الأشهر ك«فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب» و«تمبلر» عنوانها: «فكر مجددا وابتعد» أو هكذا ترجمتها، وموادها متوفرة باللغات الإنجليزية والعربية والبنجابية والأوردية والصومالية، والهدف من الحملة مواجهة تجنيد الأمريكان وغيرهم في صفوف تنظيم «داعش» وبإسلوب مقنع ومعقول. ما تقوم به «داعش» يصعب فهمه أو إخضاعه لمعادلة منطقية، ولا يمكن حصر أسبابه في المناهج الدراسية، أو في الأفكار الضيقة والمتأخرة عند بعض الأشخاص، ولا يعني بالتأكيد إلغاء الثانية لأن فيها وجاهة، والداعشيون من ثقافات مختلفة، وبينهم من كان طبيبا، أو لاعب كرة قدم، أو مطرب «راب» أو نجما جماهيريا في شبكات التواصل، أو تاجر مخدرات، وكل هؤلاء يتشاركون في هواية الإعدامات الجماعية وقطع الرؤوس والرقصات الهستيرية، وحتى «الحلاقين» لم يسلموا منهم، وهذه حرب أعصاب واضحة يحاولون من خلالها ترهيب الآخرين في الداخل وفي الخارج، وأتصور أنهم يقومون بأعمالهم تحت تأثير مواد مخدرة أو كحوليات، والأنسب تقييم تصرفاتهم من الناحية النفسية وبمعرفة خبراء، فمازلنا في الموسم الأول أو «سيزون وان».