الثراء عندما ينعم الإنسان بنعمة ما.. وقد يربطها البعض بنعمة المال.. بينما أنها قد تكون أي نعمة من نوع ما.. مثل نعمة الثراء في العلم.. في الفكر.. في الإبداع.. في الثقافة.. في البنين.. في الفقه.. في الحديث.. في العقل.. في الذكاء.. في الشجاعة.. إلى آخر ذلك من صفات قد تجعل من الإنسان مميزا ضمن الصفة.. بقدر ما قد يكون الصنيع من الصفة.. فهذا أو ذاك الثري قد لا يصنع ثراءه شيئا مفيدا.. فيظل مفلسا تماما كما لم يكن يملك الصفة.. وعلى النقيض من ذلك فكم من مفلس لا ينعم بمال وإنما عطاؤه كان ثريا بعلم أو بتضحية أو بنفع يعود عليه وعلى آله وأقربائه وصحبه.. وربما الأمة.. لنأخذ مثلا من قدوتنا في الصحابة.. فأبو هريرة رضى الله عنه كان من الفقراء المعروفين بمعنى «أهل الصفة».. ولا يكاد يجد قوت يومه.. فهل ينكر أحد نفعه على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بإثرائه نقل السنة وأحاديث رسول الله.. إلى أن كان نقله عبر القرون دروسا ينتفع منها مئات إن لم يكن ألوف الملايين من الناس.. وهذا عم رسول الله سيدنا حمزة رضي الله عنه.. وقد أثرى الأمة بشجاعته.. وذاك سيدنا أبوبكر الصديق رضي الله عنه.. وقد أثرى الإسلام بالتزامه.. ثم سيدنا عمر بن الخطاب وقد أثرى الإسلام بعدله.. وهناك سيدنا عثمان بن عفان رضى الله عنه.. وقد أثرى الأمة بجمع القرآن ومد الغزوات من ماله.. ويثري سيدنا علي بن أبي طالب الإسلام بفقهه.. ويزيد العد ولا ينقص.. ثم نأتي لعصرنا وأموالنا فنتفقد الثري في كل معنى.. فيندر أن نجد سوى قلة من الأثرياء.. مع كثرة أثرياء المال.. وفيهم «الثري».. وفيهم «المفلس».. معنى الكلمة أن العالم الإسلامي في حال من كرب.. يؤذي بعضه بعضا.. وينهش من ينهش الآخر.. حين أن الثروة التي بين يديه.. لها أن تثري العالم أجمع بميزان العدل والإنصاف والمحبة والإخاء.. بيد أن الإفلاس.. بمعنى البعد عن حقائق الإسلام.. يتفوق فوق العقل.. فيخضع الكثير مما حذر منه الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.. فخشي من جراء إقبال الدنيا علينا.. إن الإسلام ثري.. ويثري كل من يعمل به بإخلاص وصدق.. وإنما المفلسون.. هم أولئك المسلمون الخارجون عن المفهوم الصالح والثروة الأخلاقية والعملية في الدين. لذا دعائي: اللهم انصر الإسلام.. وأصلح المسلمين.. نعم أصلح يا الله المسلمين.. ثم أنصرهم.. بيد أن النصر للإسلام.. فإن لم يؤخذ الإسلام بثرائه.. فلا نصر لمسلمين قد يكونون مفلسين.. فالعود للحق.. أحمد.