في المقال السابق تمت الإشارة إلى قول الله تعالى: (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون) وذكرت أن هذه الآية الكريمة تضمنت خمسة توجيهات تربوية، وذكرت التوجيه الأول، وفي هذا المقال أذكرالتوجيهين الثاني والثالث وهما: التخطيط الجيد لاستثمار المال إن الإسلام لايحرم حب المال فهو فطرة بشرية بل يدعو المسلم بالمحافظة على ماله بتنميته والتخطيط لذلك وفق خطط ودراسات علمية وقد كان من خيار الصحابة الكرام من هم أصحاب مال وثراء من أمثال: سيدنا عثمان بن عفان وسيدنا عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهما، وقدموا للإسلام تضحيات عظيمة كان لها الدور الفاعل في خدمة الدين فنعم المال الصالح للمرء الصالح كما جاء في الحديث الشريف أن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: (بعث إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذ عليك ثيابك، وسلاحك، ثم ائتني فأتيته وهو يتوضأ، فصعَّد فيَّ النظر ثم طأطأه فقال: إني أريد أن ابعثك على جيش فيسلمك الله ويغنمك وأرغب لك من المال رغبة صالحة، قال: قلت يارسول الله: ما أسلمت من أجل المال ولكني أسلمت رغبة في الإسلام وأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ياعمرو: نعم المال الصالح للمرء الصالح). تعليم وتدريب الأولاد المحافظة على الأموال يجب على الوالدين تعليم أولادهم منذ نعومة أظفارهم المحافظة على ما اكتسبوه من مال والتهيؤ لمواجهة متطلبات الحياة، لأن الحياة متجددة ومتغيرة ولايتوقع الإنسان مايحدث في المستقبل القريب فضلاً عن المستقبل البعيد. ويحذر كل الحذر من الإسراف على نفسه وعلى أولاده بتلبية كل رغباتهم فالصغير لايدرك الأمور، ولايحسب للعواقب فإذا تربى على سهولة وجودة المال، ولم يعلمه ويربيه الوالدان على الكسب المشروع، والمحافظة على المال، وإنفاقه في جهاته المشروعة، فبدون شك سيشب على ذلك ويضيع نفسه وماله، فضلاً عن الأخطار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على ذلك لمجتمعه وأمته.