كان العم سعيد من أوائل المهاجرين إلى مكة للعمل، وبما أن قدره أنزله في بيت أهله يعتنون بالماشية كونها تدر لهم ولضيوفهم من الحجاج حليبا ولبنا، كلفوا العم سعيد القادم من جبال السراة بشراء علف البهائم، وذات يومٍ أعياه المشي من شعب عامر إلى المسفلة وفي طريق العودة وأعواد الذرة والحشائش فوق رأسه رأى أن يختصر المسافة ويعبر من داخل الحرم ولم يكد يخطو خطوات حتى ضربت كف عملاقة على كتفه وصاحبها يقول (رايح فاين يا روح أمك) فرد عليه وهو لا يكاد يرى بوضوح (هذا ما هو حوش الفطاني)؟! ومن المجاودين خارج الحدود العم صالح خدم في صغره في بيت تاجر من الحبشة وعاد بمال واستثمر في مدن كبرى وأصبح له قصر وخدم وتفاجأ ذات يومٍ بعاملة من تلك البلاد تخدم في بيته فشده الحنين وسألها عن موطنها وقريتها فإذا بها من ذات العائلة التي خدمهم وبما أن الأيام دول طلب من عائلته إكرامها وإعفاءها من الخدمة مع تمتعها بكافة المزايا وأخبرهم أنه جاود عند أهلها وعمل خادما في منزل أسرتها الكريمة في اثيوبيا وهذه البنت حفيدة كبير العائلة الذي كان يحسن إليه ويشفق عليه فالواجب يحتم عليه رد المعروف وعدم نسيان ما سلف، ولم يكن أهلنا يتعايبون من العمل ما لم يكن محرما شرعا أو مجرما نظاما، ولكن بعد الطفرة تناسى البعض ماضيه، وذات أمسية فلكلورية قال الشاعر المذي في حفلة بقرية الحمدة (وسيف أبو طالب علي ع الكفر يتلامعاني) فسأل أحد المجاودين مفسر الأشعار وش يقصد الشاعر يا بو عبدالرحمن، فقال: يقصدك يوم كنت تحمل الماء لبيوت أهل مكة وأنت سقاء والتنك يلمع فوق ظهرك، فحمل الهراوة ورض بها رأس الشاعر وأنطفأت القازة وسادت فوضى عارمة وفي سوق الخميس كان الاعتذار بالنقا ودفع الخاتمة للشاعر والضيوف والمضيفين .. وسلامتكم.