تفاقمت الأزمة السياسية في باكستان حيث أجهض رئيس حزب الإنصاف عمران خان جهود الحكومة الباكستانية لإيجاد حل سلمي للأزمة السياسية التي نشأت بسبب اعتصام آلاف المتظاهرين أمام البرلمان، بزعم حدوث تزوير في الانتخابات التي تم تنظميها العام الماضي، عندما رفض عرض الوفد الحكومي في المفاوضات بقبول جميع مطالباته فيما عدا النقطة التي تتعلق بتقديم رئيس الوزراء نواز شريف استقالته، حيث اعتبرها الوفد الحكومي خطا أحمر لا يمكن القبول بها تحت أي ظرف من الظروف، باعتبار أن شريف رئيس وزراء منتخب وأي قرار بهذا الخصوص يتخذ في البرلمان وفق القواعد الدستورية. ورفض الوفد الحكومي المفاوض عرض رئيس حزب الإنصاف عمران خان والذي تضمن تقديم شريف استقالته لمدة شهر لكي يتسنى للجنة القضائية والتي تم تشكيلها للتحقيق في إمكانية حدوث تزوير في الانتخابات من إعداد تقريرها النهائي، حيث وصف وزير الإعلام الباكستاني برويز رشيد في تصريحات ل «عكاظ» هذا العرض بأنه هراء ولا يمكن القبول به. وكان المتظاهرون قد اقتحموا «المنطقة الحمراء» الأسبوع الماضي حيث يوجد مقر البرلمان ومقر إقامة رئيس الوزراء والسفارات الرئيسية للمطالبة باستقالة رئيس الوزراء. ورفض خان فتح أي حوار مع السلطات إلا أنه رضخ مؤخرا وأجرى ثلاث جولات من الحوار مع الوفد الحكومي، لكنه أصر على استقالة رئيس الوزراء كشرط أساسي لحل الأزمة وهو الأمر الذي رفضته الحكومة جملة وتفصيلا. ولعب الجيش الباكستاني صاحب النفوذ السياسي القوي حتى الآن دورا محايدا في الأزمة، بيد أنه طالب الأطراف بالدخول في حوار لحلها، واستلم الجيش زمام الأمن في المنطقة الحمراء بناء على طلب من الحكومة وانتشرت قواته في المقار الحساسة. وأعربت مصادر سياسية عن استغرابها الشديد لتوقيت قيام خان بالاعتصام في الوقت الذي يخوض الجيش حربا على معاقل طالبان في وزيرستان، هذه الحرب التي تحظى بدعم حكومي منقطع النظير. واستبعدت مصادر «عكاظ» قيام الجيش بالسيطرة على الحكم عبر الانقلاب على حكومة شريف، مؤكدة وجود توافق بين الحكومة والمؤسسة العسكرية حيال ضرورة حل الأزمة عبر الحوار، إلا أن الأنظار باتت مشدودة إلى الجيش لمعرفة كيفية معالجة الأزمة التي تجاوزت يومها الثاني عشر خاصة بعد أن أدى الاعتصام إلى حدوث شلل في عمق العاصمة إسلام آباد. والجيش الباكستاني قام بثلاثة انقلابات منذ استقلال البلاد في 1947. وأشارت المصادر إلى أن خان والقادري يحاولان دفع الجيش إلى التدخل عبر تصعيدهما لمطالبهما. وثمنت المصادر التزام الحكومة بالحكمة وضبط النفس وتعاملها مع قضية الاعتصام بمسؤولية وعدم استخدام القوة ضد المتظاهرين. وقوبلت الانتقادات اللاذعة التي أطلقها خان والقادري ضد شريف باستهجان شديد في الأوساط السياسية مستغربين استخدام خان ألفاظا نابية ضد شريف وشقيقه شهباز وأسرة شريف. ويدعم رجل الدين المتشدد القادري المقيم في كندا، خان في اعتصامه في إسلام آباد. وتوعد المعارضان ب«تسونامي» من مليون متظاهر للمشاركة في مسيرة إلى العاصمة إلا أن العدد في المسيرتين لم يتجاوز ال 30 ألفا.