مع دخول الأزمة السياسية في باكستان يومها التاسع واستمرار المتظاهرين التابعين لحزب الإنصاف ورجل الدين المتشدد طاهر القادري والاعتصام في ميدان البرلمان في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، بدأ عمران خان رئيس حزب الإنصاف والقادري يشعران بالعزلة السياسية مع حصول حكومة نواز شريف على الدعم السياسي المنقطع النظير من جميع الأحزاب السياسية بمختلف تياراتها، وثقة البرلمان الباكستاني أمس الأول ورفض مجلس الشيوخ الباكستاني أمس مطالب المتظاهرين المعتصمين بحل البرلمان وإقالة رئيس الوزراء شريف في قرار تبناه المجلس في اجتماعه الذي ركز على مناقشة الوضع السياسي الراهن في باكستان بسبب هذه المظاهرات التي عدت مطالبها بأنها غير دستورية ومنافية للنظام الديمقراطي، مؤكدا دعمه لسيادة الدستور. وبحسب مصادر موثوقة، فإن صبر الجيش الباكستاني الذي يعتبر صمام الأمان والداعم الرئيسي للعملية الديمقراطية وتنفيذ بنود الدستور بدأ ينفد مع تعنت كل من خان والقادري وإصرارهما على مواقفهما وعدم تعاونهما حيال حلحلة الأزمة خاصة بعد إعلان خان تعليق المحادثات مع الحكومية ما يعني دخول الأزمة إلى الطريق المسدود بسبب تمسك المعارضة وإصرارها على استقالة شريف. وأشارت المصادر، أن الجيش الباكستاني استلم الأمن في المنطقة الحمراء في إسلام آباد والتي تتضمن مقر الرئاسة ورئاسة الوزراء والوزارت والمنطقة الدبلوماسية بناء على طلب الحكومة ووفق مقتضى المادة 245 من الدستور والتي تعطي الحق للحكومة استدعاء الجيش لحماية الأمن في العاصمة، وعليه تم إرسال اللواء العسكري 111 والذي قوامه 500 جندي للتمركز في المنطقة الحمراء لحماية الأمن في المواقع الحساسة، وكثيرا ما استخدم لواء 111 لتأمين إسلام آباد - وكذلك يستخدم في عمليات الاستحواذ العسكرية. وأكدت مصادر في المؤسسة العسكرية، أن الجيش الباكستاني لا يتدخل في السياسة الداخلية لكنه حريص على تعزيز الأمن والاستقرار ولا يريد الاستيلاء على السلطة ويرغب في تعزيز العمل الديمقراطي ودعم فتح حوار بين الأطراف لحل الأزمة بما يحافظ على الأمن والاستقرار. وأضافت المصادر، أن تواجد الجيش في المنطقة الحمراء هو للحفاظ على أمن المنشآت الحكومية الحيوية التي تعتبر رمزا للدولة. توافق بين الجيش والحكومة وأوضحت مصادر سياسية، أن هناك توافقا بين الحكومة والجيش على ضرورة حل الأزمة عبر الحوار. ومن الواضح أن قرار الحكومة الباكستانية لتأمين إسلام آباد وتسليم المنطقة الحمراء للجيش كان قرارا موقفا وأدى إلى عدم إرقة الدماء وإبعاد شبح المواجهة السياسية بين المعتصمين وقوات الشرطة والأمن والتي كانت في الخطوط الأمامية والقوات الشبة العسكرية في الخط الثالث، أما قوات الجيش فإنها تمركزت داخل المواقع الحساسة ولم تظهر في الشوراع بحسب التعليمات الصادرة لها في «المنطقة الحمراء» في العاصمة، وهي منطقة تضم السفارات الغربية والوزارات الحكومية الرئيسية. فيما نشرت الحكومة حوالى 30 ألفا من أفراد الشرطة والأمن والقوات الشبة العسكرية والتي تم استدعاء جزء منها من البنجاب وكشمير. كما قامت الشرطة بوضع عشرات الكونتينرات على الشوراع بهدف الحفاظ على الوزارات وعدم السماح للمعتصمين الدخول إليها خوفا من أي حادث غير مرغوب فيه لضمان أمن المنشآت الحكومية الرئيسية التي تقع على شارع الدستور. حزب الانصاف يناقش الأزمة وأشارت المصادر، إلى أن حزب الإنصاف سيعقد اليوم اجتماعا هاما في إسلام آباد لبلورة موقف نهائي من الأزمة خاصة فيما يتعلق بالنقاط الست التي طرحها على الحكومة والتي تتضمن استقالة نواز وتشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات مبكرة. بالمقابل، يعقد أيضا طاهر القادري اجتماعا بحضور قيادات حركته لاتخاذ موقف نهائي من الأزمة والتي دخلت في مراحلها الحاسمة. بالمقابل، يلتقي رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف اليوم مع الرئيس الباكستاني السابق آصف زرداري لمناقشة سبل حل الأزمة السياسية. وأشارت المصادر، إلى أن هناك توافقا بين الحكومة وحزب الشعب الباكستاني الذي يرأسه زرداري على ضرورة الحفاظ على الأمن والاستقرار في باكستان ورفض المظاهرات وعمليات الاعتصام في العاصمة والتي تؤدي لحدوث حالة عدم الاستقرار. وأضافت المصادر، أن حزب الشعب يرفض استقالة شريف ويطالب بتعزيز العمل الديمقراطي البرلماني. وسيعقد حزب الشعب الباكستاني اجتماعا اليوم لبحث إنهاء الأزمة السياسية سلميا. وأكد رئيس الوزراء الباكستاني شريف استعداد حكومته لحل الأزمة السياسية الجارية في باكستان بالحوار. وأوضح خلال لقائه بنخبة من كبار الصحفيين الباكستانيين، أن حكومته لن تستخدم العنف لتفريق آلاف المتظاهرين المعتصمين أمام البرلمان في إسلام آباد مع زعيم حزب حركة الإنصاف عمران خان وطاهر القادري، موضحا أن الحوار هو الحل الأخير للأزمة الجارية وأن حكومته لا زالت مستعدة للتحاور مع عمران خان والقادري وقبول شروطهما التي لا تتعارض مع الدستور. وأثارت الاحتجاجات المخاوف بشأن استقرار البلاد في وقت تحارب فيه الحكومة حركة طالبان وتنسحب فيه قوات حلف شمال الأطلسي من دولة أفغانستان المجاورة.