أكد خبراء اقتصاديون أن الإرهاب وانتشار الفوضى وعدم الاستقرار الأمني والسياسي في كافة البلدان وراء هروب رؤوس الأموال من الدول التي تعاني الفوضى وعدم الاستقرار، مشيرين إلى أن الاقتصاد يمثل موردا من الموارد الأكثر تضررا من جراء تفشي ظاهرة الإرهاب، خصوصا أنه يوجد مشكلات كبيرة في البنية الاقتصادية لتلك الدول، موضحين أن المقومات الاقتصادية الناجعة تعتمد على عوامل أساسية منها الأمن والاستقرار، وبالتالي فإن فقدانها أو بعضها يدفع الاستثمار للهروب بسرعة، نظرا لكون الاستثمار في ظل انعدام الأمن مخاطرة كبيرة، بحيث يصبح الاستثمار ضحية عوضا عن كونه منقذا للاقتصادات التي تواجه صعوبات وتسهم في خلق فرص عمل جديدة في تلك البلدان. واعتبر عبدالرحمن العطيشان رئيس مجلس إدارة غرفة الشرقية أن الاقتصاد يمثل موردا من الموارد الأكثر تضررا من جراء الإرهاب، الذي يواجه بعض البلدان، مبينا أن الإرهاب يخلق مشكلات كبيرة على البينة الاقتصادية للدول، ما يجعل عملية الخروج من تلك المشكلات صعبة للغاية، فغياب الاستقرار وانعدام الأمن وكذلك الفوضى السياسية تشكل عوامل كثيرة في خلق وضع صعب للغاية. وقال إن هروب رؤوس الأموال يمثل المظهر الأبرز بعد انتشار الفوضى وبروز المشكلات الأمنية، حيث تعمد الشركات للعودة لبلدانها أو البحث عن بيئات استثمارية أكثر جاذبية، مؤكدا أن ضخ رؤوس الأموال لا يمثل الخيار الأفضل لتجاوز المشكلات الاقتصادية بعد انتهاء الفوضى، مشددا على ضرورة خلق بيئة استثمارية مثالية من خلال سن الأنظمة والتشريعات القادرة على استقطاب رؤوس الأموال. وشدد العطيشان على ضرورة محاربة الإرهاب بكل قوة، وأن العمل المؤسسي يشكل العنصر الأهم لبناء اقتصاد قوي قادر على مواجهة الصعاب، معتبرا أن التقدم العلمي يمثل المدخل الأساس وراء بناء اقتصاد متين، لافتا إلى أن البلدان التي تفتقر للموارد الطبيعية كما هي اليابان وكوريا لجأت إلى التقدم العلمي وتنمية العقول وإدخال التكنولوجيا لتعويض انعدام الموارد البشرية، مضيفا أن العقول المبتكرة تجلب الأموال والاستثمارات الأجنبية. وقال الدكتور عبدالله المغلوث عضو لجنة الأوراق المالية والاستثمار بغرفة الرياض، إن الفوضى والاضطرابات التي تعيشها بعض الدول العربي منذ عام 2010 وحتى اللحظة الراهنة ساهمت كثيرا في آثار اقتصادية كبيرة، مشيرا إلى أن التداعيات الناجمة عن الاضطرابات في تلك الدول خلقت أجواء سلبية على المناخ الاستثماري، لاسيما أن الفوضى ساهمت في إضعاف تلك الحكومات القائمة في الدول المجاورة، وبالتالي بروز حالة من الفوضى الكبيرة، الأمر الذي أثر على الاقتصاد هناك بشكل عام، حيث تشهد تلك الدول مصاعب اقتصادية كبيرة يصعب التهكن بمدى قدرتها على تجاوزها في غضون السنوات القليلة المقبلة. وأشار إلى أن الصعوبات التي تواجه الحكومات في البلدان التي تواجه اضطرابات على مدى السنوات الأخيرة شكل تحديا كبيرا، لاسيما أن البيئة الاستثمارية الجاذبة تبخرت جراء عدم القدرة على توفير المناخ الاستثماري كما هو الحال قبل بروز هذه المشكلات الأمنية والسياسية على السطح منذ عام 2010، مؤكدا أن الشركات الأجنبية ورؤوس الأموال الأجنبية وكذلك العربية باتت غير قادرة على الدخول في تلك الدول جراء الفوضى السياسية والأمنية المنتشرة في أغلب مدن تلك الدول، وبالتالي فإن الرغبة التي كانت تحدو المستثمرين للدخول في تلك البلدان تراجعت أو اختفت تماما. وذكر أن المناخ الاستثماري الجاذب في السنوات الماضية لبعض تلك الدول تحول بفعل الفوضى الأمنية والسياسية إلى مشكلة كبيرة تتطلب تحركا كبيرا لتطويق الآثار الناجمة عنها، لافتا إلى أن رأس المال، كما يقال جبان، وبالتالي فإن العمل على خلق مناطق أمن وتحقيق الاستقرار السياسي يمثل الطريق نحو إنقاذ الاقتصاديات المنهارة وإعادة ترتيب البيت الداخلي للعودة مجددا للمستوى الذي كانت عليه قبل عدة سنوات. وقال عبدالعزيز المحروس رجل أعمال إن القطاع الخاص يبحث أولا وأخيرا عن الاستقرار الأمني والسياسي، فإذا وجدت هذه العوامل، بالإضافة إلى الأنظمة الاستثمارية الواضحة، فإنه سيكون أول المبادرين لضخ الأموال في الأسواق، مضيفا أن الكثير من القرارات تصدر بشكل مفاجئ وغير متوقع، ما يضع القطاع الخاص في إرباك شديد، معتبرا الإجراءات المتعلقة بسهولة انتقال الأموال أحد أهم العقبات التي تواجه المستثمرين العرب، لافتا إلى أن رؤوس الأموال العربية في ظل الأوضاع غير الصحية للاستثمار في الأسواق العربية دفعت الكثير للبحث عن البلدان الآمنة سواء في أوروبا أو أمريكا أو أستراليا أو دول شرق آسيا، منتقدا في الوقت نفسه آلية التعامل مع المستثمرين في الدول العربية، فبين ليلة وضحاها تصدر قرارات تمنع المستثمرين من التصرف في الأرباح أو السماح بإخراجها بسهولة، وبالتالي فإن المستثمر الذي يجد صعوبة في حرية انتقال الأموال لن يقدم على خطوات أشبه ما تكون بالمغامرة. وذكر سلمان الجشي رئيس اللجنة الصناعية السابق بغرفة الشرقية أن الإنجاز الأمني الكبير الذي حققته الجهات الأمنية يضاف إلى سلسلة إنجازاتها في السنوات الماضية، مشيرا إلى أن إفشال المخططات الإرهابية يعزز من المناخات الاستثمارية، خصوصا أن الاستقرار الأمني يمثل أحد الأسباب الرئيسية وراء دخول الاستثمارات، موضحا أن الاستثمارات الأجنبية في الدول العربية التي تواجه مشكلات أمنية في الوقت الراهن، فقد سجلت تراجعا كبيرا، فيما يتوقع أن يحدث الإنجاز الأمني الكبير الذي سجلته المملكة عنصرا في زيادة حجم الاستثمارات في الفترة القادمة، خصوصا أن المملكة ما تمتلكه من مزايا اقتصادية كبيرة تعتبر أحد الخيارات الهامة للشركات الاستثمارية الأجنبية على المستوى العالمي.