اعتبر عدد من رجال الأعمال أن الاستقرار الأمني والسياسي يمثل الحاضنة الرئيسية لاستقطاب الاستثمارات في مختلف الدول العالمية، مشيرين إلى أن الأنظمة الاستثمارية الواضحة تمثل عاملا آخر لجذب الاستثمارات، مؤكدين أن توافر هذه العوامل الرئيسية في البلدان الأوروبية شكل العنصر الأساس وراء قدرة هذه البلدان في احتضان مئات المليارات من الدولارات في بلدانها، ما يستدعي التحرك الجاد نحو خلق البيئة الجاذبة ومحاولة التخلص من العوامل الطاردة في البلدان العربية. واضافوا أن عملية استقطاب رؤوس أموال القطاع الخاص مرتبطة كذلك بمستوى الشفافية وتقليل الضرائب، فالقطاع الخاص يبحث عن المناخات المناسبة، والعوامل العاطفية لا تجدي نفعا. وأشادوا بالسياسات الحكيمة التي تبنتها حكومة المملكة طوال السنوات الماضية بهدف تشجيع النمو الاقتصادي، مؤكدين أن هذه السياسات أسهمت بشكل فاعل في تجنب التبعات السلبية التي قد تلحق بالاقتصاد السعودي في ظل تداعيات الأزمة المالية العالمية. بداية أكد عبدالرحمن الراشد رئيس غرفة الشرقية أن الاستقرار السياسي يمثل مدخلا أساسيا لدخول الاستثمارات ونموها، فالمستثمر يبحث قبل اتخاذ القرار الاستثماري عن البلدان المستقرة، خصوصا أن عملية الدخول في الدول التي تواجه مشاكل أمنية يمثل مغامرة كبيرة، ما يعني عدم القدرة على استثمار تلك الاموال واحتمال خسارتها بشكل كامل، لافتا إلى أن المملكة تعيش حالة من الاستقرار الأمني، بخلاف حالة الفوضى التي تعيشها بعض الدول العربية المجاورة، ما يعزز من قدرتها على استقطاب المزيد من الاستثمارات الاجنبية، مؤكدا أن المملكة تعد حاليا محط انظار الشركات الاستثمارية العالمية، لما تمتاز به من عوامل جاذبة للاسثتمار وقوة اقتصادية كبيرة، وبالتالي فإن الاستثمارات ستجد طريقها بقوة نحو المملكة في ظل الاوضاع غير المستقرة في عدد من الدول المجاورة. ورأى أن المملكة اصبحت محط أنظار دول العالم، نتيجة لعدة عوامل جغرافية وتاريخية، أبرزها موقعها الاستراتيجي ومكانتها الدينية، إذ تضم على أرضها الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة التي يفد إليها المسلمون من كافة بقاع الأرض. واضاف أن عددا من التقارير الدولية تشيد بأداء الاقتصاد السعودي وبما حققه من نمو في الأعوام الخمسة الماضية، لافتة إلى عناصر قوة الاقتصاد السعودي التي تكمن من وجهة نظر كبريات المؤسسات الاقتصادية الدولية في وجود احتياطي هائل من النفط، يدعمه برنامج قوي للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى النظام المصرفي والبنكي القوي الذي يتمتع به الاقتصاد السعودي. من جانبه أكد خالد العبدالكريم عضو مجلس إدارة غرفة الشرقية السابق، أن عملية الاستثمار مرتبطة بعوامل متعددة يأتي في مقدمتها الجهات التمويلية (المؤسسات التمويلية-البنوك)، اذ ليس من المعقول أن يضخ المستثمر كل أمواله في المشاريع التي يمكن أن تنجح أو تفشل، وإنما تمثل نسبة اموال المستثمر في الغالب بين 10 و20 في المئة من اجمالي جحم الاستثمارات، فيما يتم الاعتماد على المؤسسات التمويلية للحصول على الموارد المالية. وقال إن الحصول على التمويل يمثل المدخل الرئيسي لدخول الاستثمارات في البلدان العربية، فافكار المشاريع موجودة وكذلك الموارد الطبيعية متوافرة في كل الدول العربية، بيد أن المشكلة تكمن في غياب الجهات الراغبة في التمويل، بخلاف المؤسسات التمويلية في الدول المتقدمة التي تقوم بتشجيع عملية الاستثمار في بلدانها من خلال الحوافز التي تقدمها للشركات للاستثمار في كل المجالات. وذكر ان المناخ الاستثماري المناسب القادر على التعاطي مع التطورات وإيقاع العصر بما ينسجم مع سرعة القطاع الخاص أمر في غاية الاهمية، موضحا ان المناخ الاستثماري يشمل الانظمة والقوانين وكذلك حقوق المستثمرين وغيرها من المتطلبات الاخرى، فالمرحلة المقبلة تستدعي من الدول العربية اعادة صياغة الانظمة بما يحقق الهدف المنشود. ووصف الوضع في العالم العربي بالمزري وغير المشجع على الاطلاق، ما يستدعي انشاء مشاريع انتاجية تسهم في استثمار الموارد الطبيعية الكثيرة في العالم العربي، من اجل تقليل حجم البطالة المتفشية في الشعوب العربية، متسائلا عن اسباب تفاقم مشكلة الفقر في الدول العربية الفقيرة بالرغم من وجود بلدان غربية غنية وكذلك وجود موارد طبيعية كثيرة في تلك الدول العربية، وبالتالي فإن العملية تتطلب تحركات عملية تعيد الامور لنصابها وتسهم في رفع المعاناة التي تعيشها بعض البلدان العربية. وقال عبدالعزيز المحروس (رجل اعمال) ان بيئة الاستثمار في العالم العربي طاردة وليست جاذبة، مشيرا الى ان كل الانظمة الاستثمارية المتبعة في العالم العربي لا ترقى للمستوى الادنى التي يطالب بها القطاع الخاص، مضيفا ان القرارات كثيرة بينما تنفيذ هذه القرارات غير موجود على الارض مطلقا. وقال إن القطاع الخاص يبحث أولا وأخيرا عن الاستقرار الامني والسياسي، فاذا وجدت هذه العوامل إضافة إلى الانظمة الاستثمارية الواضحة والشفافة، فانه سيكون أول المبادرين لضخ الاموال في الاسواق العربية، مضيفا أن الكثير من القرارات تصدر بشكل مفاجئ وغير متوقع، ما يضع القطاع الخاص في ارباك شديد، معتبرا الاجراءات المتعلقة بسهولة انتقال الاموال إحدى اهم العقبات التي تواجه المستثمرين العرب، لافتا إلى أن رؤوس الاموال العربية في ظل الاوضاع غير الصحية للاستثمار في الاسواق العربية دفعت الكثير للبحث عن البلدان الأمنة سواء في اوروبا او امريكا او استراليا او دول شرق اسيا. أما الدكتور فلاح السبيعي رئيس قسم الاقتصاد في جامعة الامام محمد بن سعود فنوه بالسياسات النقدية التي تبنتها المملكة من خلال تشديد الرقابة على القطاع المصرفي التي أسهمت بشكل كبير في حمايته من الأزمات الاقتصادية التي كانت سببا في انهيار عدد من البنوك العالمية. وأضاف أن معظم التقارير أكدت متانة وقوة الاقتصاد السعودي بسبب سرعة اتخاذ السلطات السعودية اجراءت تصدت بها لتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية. من جانبه، أشار الخبير الاقتصادي حسام أحمد إلى أن البنوك تعد بمثابة الترمومتر الذي يعكس حالة أي اقتصاد وما اذا كان يعاني من أزمات، مؤكدا أنه لا يمكن للبنوك أن تعمل في اتجاه والاقتصاد في اتجاه آخر، خصوصا أن العام 2011 شهد تدهورا كبيرا في اقتصاديات عدد من الدول العربية ما أثر بشكل كبير على ربحية البنوك وتوقف توسعاتها وتمويلاتها المصرفية. وأكد مشعل الزهراني مسؤول في أحد البنوك ان المصارف العربية شهدت تراجعا كبيرا في الارباح بخلاف المصارف الخليجية وفي مقدمتها المصارف السعودية التي شهدت استقرارا رغم التأثير على توسعاتها الخارجية، معبرا عن تشاؤمه من أداء المصارف في دول الربيع العربي خلال العام الحالي في ظل عدم الاستقرار الامني مما يؤثر سلبا على أداء الاقتصاد واداء البنوك. من جانبه، أشار أستاذ الاقتصاد والخبير في جامعة الملك سعود احمد عسيري إلى أن المملكة اتخذت السياسات المتزنة في كثير من الأمور الاقتصادية، وخصوصا النقدية، مؤكدا انها عملت على دعم الاقتصاد السعودي من خلال الإنفاق الاستثماري والمحافظة على التوازن في الاسواق. وأضاف ان عوامل القوة في الاقتصاد السعودي ساهمت في الصعود القوي للبورصة السعودية، من خلال التحفظ في الإقراض والرقابة الشديدة التي فرضتها مؤسسة النقد على البنوك، ومنع حدوث فجوة في السيولة، متوقعا أن يحقق القطاع المصرفي السعودي معدلات نمو سريعة. وقال رجل الأعمال حسين الوايلي إن الاستقرار الامني الذي نشهده في المملكة يمثل حالة ارتياح لرجال الاعمال السعوديين ومطمع لرجال الاعمال غير السعوديين لجلب استثماراتهم للمملكة وكل هذا يأتي بفضل السياسات الرشيدة المتزنة التي تنتهجها حكومتنا الرشيدة فالاستقرار الامني مكسب لجميع فصائل المجتمع ومغر لجلب رؤوس الاموال واستثمارها بالداخل فرجال الاعمال يحرصون بالدرجة الاولى على الاستقرار الامني في أي بلد يستثمرون فيه اموالهم.