أكد رجال أعمال ومستثمرون أن اعتماد القمة العربية الاقتصادية، التي اختتمت أعمالها الثلاثاء الماضي، الاتفاقية الموحدة المعدلة لاستثمار رؤوس الأموال في الدول العربية لتتواءم مع المستجدات على الساحة العربية والإقليمية والدولية، وتوفر المناخ الملائم لزيادة تدفق الاستثمارات العربية البينية، من شأنه أن ينعكس إيجابا على المنطقة العربية. وقالوا ل«عكاظ» إن ذلك سيؤدي إلى العمل على جعل المنطقة العربية جاذبة لهذه الاستثمارات، بهدف الارتقاء بمستوى التكامل الاقتصادي العربي، وتنمية التجارة العربية البينية، وإيجاد فرص عمل جديدة تساهم في خفض معدلات البطالة، وزيادة مستوى التشغيل، وخفض مستويات الفقر، واستثمار رؤوس الأموال العربية داخل الدول العربية، وتوظيفها لتعزيز التنمية، وتطوير اقتصادات بلداننا العربية، ومن أجل تشجيع تدفق الاستثمارات العربية البينية. وأضافوا أن البيان الختامي للقمة، دعا القطاع الخاص العربي إلى المبادرة بالاستفادة مما توفره هذه الاتفاقية من مزايا وضمانات، بما في ذلك رجال الأعمال العرب المهاجرون لاستغلال الفرص المتاحة، والمساهمة في التنمية الاقتصادية العربية الشاملة. واعتبر عبدالعزيز المحروس (رجل أعمال) أن الخطوة التي اتخذتها القمة العربية الاقتصادية باعتماد الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس أموال الدول العربية مقدرة وإيجابية في الوقت نفسه، مطالبا بضرورة تجسيد القرارات الصادرة عن القمم لأنظمة على أرض الواقع، مؤكدا أن بيئة الاستثمار في العالم العربي حاليا طاردة وليست جاذبة لرؤوس الأموال، مشيرا إلى أن كافة الأنظمة الاستثمارية المتبعة في العالم العربي لا ترقى للمستوى الأدنى التي يطالب بها القطاع الخاص، مضيفا أن القرارات كثيرة بينما تنفيذ هذه القرارات غير موجود على الأرض مطلقا. وقال إن القطاع الخاص يبحث أولا وأخيرا عن الاستقرار الأمني والسياسي، فإذا وجدت هذه العوامل بالإضافة إلى الأنظمة الاستثمارية الواضحة، فإنه سيكون أول المبادرين لضخ الأموال في الأسواق العربية، مضيفا أن الكثير من القرارات تصدر بشكل مفاجئ وغير متوقع، ما يضع القطاع الخاص في إرباك شديد، معتبرا الإجراءات المتعلقة بسهولة انتقال الأموال إحدى أهم العقبات التي تواجه المستثمرين العرب، لافتا إلى أن رؤوس الأموال العربية في ظل الأوضاع غير الصحية للاستثمار في الأسواق العربية دفعت الكثير للبحث عن البلدان الآمنة سواء في أوروبا أو أمريكا أو أستراليا أو دول شرق آسيا، منتقدا في الوقت نفسه آلية التعامل مع المستثمرين في الدول العربية، فبين ليلة وضحاها تصدر قرارات تمنع المستثمرين من التصرف في الأرباح أو السماح بإخراجها بسهولة، وبالتالي فإن المستثمر الذي يجد صعوبة في حرية انتقال الأموال لن يقدم على خطوات أشبه ما تكون بالمغامرة. وذكر أن هناك الكثير من العراقيل التي تعترض نمو التجارة البينية بين الدول العربية، تمثل اعترافا صريحا بضرورة التحرك الجاد لإزالة مثل هذه المعوقات، باعتبارها الطريق نحو رفع مستوى حرية التجارة العربية، بيد أن الآمال المعقودة على ترجمة هذه القرارات إلى واقع على الأرض تبقى ضئيلة للغاية عطفا على التجارب السابقة. وأكد خالد العبدالكريم، عضو مجلس إدارة غرفة الشرقية السابق، على أن الدعوة من القمة العربية الاقتصادية للقطاع الخاص للمبادرة في الاستثمار في العالم العربي أمر إيجابي، مشيرا إلى أن الأفكار المطروحة من قبل القادة جميلة وتسهم في عملية تسريع النهوض بالاقتصاد العربي، بيد أن الأمور ليست بهذه الصورة الوردية على الواقع، مضيفا أن عملية الاستثمار مرتبطة بعوامل متعددة يأتي في مقدمتها الجهات التمويلية (المؤسسات التمويلية، البنوك)، إذ ليس من المعقول أن يضخ المستثمر جميع أمواله في المشاريع التي يمكن أن تنجح أو تفشل، وإنما تمثل نسبة أموال المستثمر في الغالب بين 10 20% من إجمالي جحم الاستثمارات، فيما يتم الاعتماد على المؤسسات التمويلية للحصول على الموارد المالية، مشيدا بخطوة زيادة رؤوس أموال المؤسسات التمويلية بنسبة 50%. وقال إن الحصول على التمويل يمثل المدخل الرئيسي لدخول الاستثمارات في البلدان العربية، فأفكار المشاريع موجودة وكذلك الموارد الطبيعية متوافرة في جميع الدول العربية، بيد أن المشلكة تكمن في غياب الجهات الراغبة في التمويل، بخلاف المؤسسات التمويلية في الدول المتقدمة التي تقوم بتشجيع عملية الاستثمار في بلدانها من خلال الحوافز التي تقدمها للشركات للاستثمار في كافة المجالات. وذكر أن المناخ الاستثماري المناسب القادرة على التعاطي مع التطورات وإيقاع العصر بما ينسجم مع السرعة التي بها القطاع الخاص أمر في غاية الأهمية، موضحا أن المناخ الاستثماري يشمل الأنظمة والقوانين وكذلك حقوق المستثمرين وغيرها من المتطلبات الأخرى، فالمرحلة القادمة تستدعي من الدول العربية إعادة صياغة كافة الأنظمة بما يحقق الهدف المنشود، مضيفا أن القمة العربية الاقتصادية التي اختتمت أعمالها في الرياض يوم الثلاثاء الماضي تعتبر الثالثة، مما يضع علامات استفهام حول التوصيات التي صدرت في القمتين السابقتين، فتلك التوصيات لم تنفذ على أرض الواقع، وبالتالي فإن هناك مخاوف كبيرة من دخول هذه القرارات في نفق مظلم لا تخرج منه مطلقا. ووصف الوضع في العالم العربي بغير المشجع على الإطلاق، ما يستدعي إنشاء مشاريع إنتاجية تسهم في استثمار الموارد الطبيعية المتوفرة في العالم العربي، من أجل تقليل حجم البطالة المتفشية في الشعوب العربية، متسائلا عن أسباب تفاقم مشكلة الفقر في الدول العربية الفقيرة، رغم وجود بلدان غربية غنية وكذلك وجود موارد طبيعية كثيرة في تلك الدول العربية، وبالتالي فإن العملية تتطلب تحركات عملية تعيد الأمور لنصابها وتسهم في رفع المعاناة التي تعيشها بعض البلدان العربية. وشدد على أن عملية استقطاب روؤس أموال القطاع الخاص مرتبطة كذلك بمستوى الشفافية وتقليل الضرائب، فالقطاع الخاص يبحث عن المناخات المناسبة، فالعوامل العاطفية لا تجدي نفعا.