يخلط كتاب القصص القصيرة (المبتدئون) بين تقنيات وبناء الرواية والنوفيلا (القصة الطويلة)، يعتقدون أن قصصهم الطويلة روايات، بينما هي نوفيلا خالصة، جنس كتابي سردي بين هذه وتلك. وعندما تخبرهم بجنس كتابتهم يضيقون ويعتقدون بأنك تقلل من شأنهم، فهم يظنون أن كاتب الرواية ذو مكانة أرفع من كاتب القصة، مثلما اعتقد أحد الحمقى بأن طبيب الأطفال لم يكمل تعليمه ليصبح طبيبا للكبار.. نفس الشيء يحدث مع صناع الأفلام القصيرة، إذ يخلطون بين تقنيات الفيلم الروائي الطويل وبين تقنيات الفيلم القصير.. كل ذلك يحدث بسبب عدم الإطلاع والتثقيف الذاتي والإغراق في متبعة الأفلام الطويلة، وعندما يأتي دورهم لتقديم فيلم قصير يصنعونه وفق عناصر الفيلم الطويل ما عدا عامل الزمن المرتبك.. ذلك يحدث بسبب الركون الدائم إلى ذواتهم التي يراهنون بكمالها المعرفي!. شفرة دانفشي على سبيل المثال رغم كثرة عدد صفحاتها المقتربة من 500 صفحة، تعتبر (نوفيلا) وليست رواية، هكذا أجزم.. إنها كتابة سردية لحدث واحد في خط رأسي، ومكان واحد خلال زمن قصير. لكن ثلاثية نجيب محفوظ على سبيل المثال أيضا تعتبر (رواية)، سرد أفقي راصد لتحولات المجتمع السياسية والثقافية والاجتماعية في حقبة تاريخية ممتدة، من خلال أبطال عديدين وتشعبات سردية وصفية مسهبة. الناقد محمد العباس يسميها القصة القصيرة المنفوخة، ويرى أنها «لا تصنع رواية مهما أصر المؤلف أو الناشر على إدراجها ضمن ذلك التصنيف، فالنصاب الأدبي لا يتحقق إلا وفق شروط ومعيارية فنية، ومن يتأمل الخط البياني لما تم إصداره في السعودية بمسمى الرواية، سيفاجأ بأن نسبة كبيرة تتجاوز نصف المنتج لم تبلغ حد النوع الروائي» . على كل حال، لا يغير هذا الخلط من حقيقة وجود أجناس سردية مختلفة ومتفق على عنونتها بأسماء مصطلحية عالمية علمية معينة.. الرواية: نوفل. القصة الطويلة: نوفيلا. القصة: ستوري. القصة القصيرة: شورت ستوري. القصة القصيرة جدا: فيري شورت ستوري. البارقة: فلاش ستوري.. كلها تجارب سردية لها أشكالها وقوانينها وتقنياتها، وقيمتها تكمن في فنيتها وليست من طولها أو قصرها.