توقف يوم أمس الأول إطلاق النار في غزة، وتكشف حجم القتل والدمار الهائل الذي أحدثته الهجمة البربرية، لا جديد في الأمر، فقد «تعود» العرب هذه الهمجية، لم تعد صفة الإفراط في استخدام القوة تفي بالغرض، ولا صيغة حرب انتقامية تفيد، أصبح أمرا متداولا في صحف العالم، أنها حرب إبادة Genocide مقصودة ضد شعب أعزل، بات واضحا خشية (إسرائيل) من القنبلة البيولوجية الفلسطينية المتفوقة على قنابلها النووية، فتريد أن تصفي المواليد أولا بأول وهو ما يفسر استهداف الأطفال في كل حروبها ضد الفلسطينيين. الجميع يعرف أنها ليست حربا متكافئة، كثيرون لاموا المقاومة على التحرش بالحمل الوديع (إسرائيل)، وطلبوا أن تسكت صونا للعرض فما أشرفهم كيف يسكت جائع، كثيرون أيضا توقعوا نهاية مأساوية بموت وصمت غزة. لكن بعيدا عن كل هذا الذي شغلنا لأكثر من شهر، هل يمكن فصل ما جرى في غزة عما يحدث في العالم الإسلامي، من نيجيريا غربا حتى الصين شرقا. دعونا نبتعد قليلا لتمعن الصورة، فالانغماس في الأحداث وتتبع تفاعلاتها يعيق تفهم حقائقها ومسبباتها، والاقتراب كثيرا يغرقنا في تفاصيل غير مهمة لفهم مجمل ما يحدث. عالميا نشهد عودة صراع القطبين وإن بأسلوب مخالف لستينات القرن الماضي، يمكن تسميته صراعا تعاونيا لتقاسم النفوذ في المنطقة، إقليميا تجري مساومات القطبين فيما سمي بتفكيك الدول ثم طور إلى تفتيتها. هل من رابط بين ما حدث في نيجيريا مع بوكو حرام وجرائم ما يسمى بتنظيم داعش في العراق وسوريا ومنع مسلمي الصين من ممارسة طقوسهم والإبادة الجماعية في غزة، هل يمكن القول إنه عنف وعنف مضاد، الجواب بنعم يكاد يشرعن أعمال العنف بين الأطراف المتقاتلة، لكن السؤال من هم هذه الأطراف؟ لنأخذ الأبعد احتمالا ومكانا، ما مصلحة الصين في منع مسلميها والتضييق عليهم، هل هو الخوف منهم أم الخوف عليهم، بقليل من المجازفة يمكن تصديق الاحتمالين، تخشى الصين من تسرب أفكار متطرفة إليهم تشجعهم على أعمال شغب للمطالبة بحقوق وامتيازات أكثر، بوكو حرام وداعش كلاهما ينطلق من بواعث انتقامية، أقله هذا ما تعلنانه ويفسر تصرفاتهما ضد أقليات مسيحية، صحيح أن ما كشفه الصحفي الأمريكي سنودان في «ويكيليكس» يفضح رعاية أمريكا لكليهما، ثم يكتشف أن ما يحدث في فلسطين ضد حقوق عربية وأماكن إسلامية إنما هو بؤرة كل هذا وأنه انعكاس واستثمار لكل هذا. السؤال الممض كيف ينخدع العالم الإسلامي، إن كان كل هذا إرهابا وعلى مستوى العالم، فلم لم يتعاون العالم لمواجهته، هل يفسر كل هذا عدم تلبية طلب المملكة قبل عشرة أعوام بإنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، هل هو إرهاب مقصود لإعادة تشكيل العالم، أقله شرقنا الصغير، هل هو سايكس بيكو جديدة، ستبدي لنا الأيام ماكنا نجهل وسيأتينا بالأنباء من لم نزود.