ليست هي المرة الأولى التي تتهمنا فيها إيران بأننا نقف مع الإرهاب بل وندعمه هنا أو هناك!! صحيح أن هذه التهم لم تصدر رسميا من الحكومة الإيرانية كما أعلم لكن الصحيح أيضا أن الذين يتهمون بلادنا بالإرهاب هم من المحسوبين على الحكومة الإيرانية ومن أبرز رجالاتها، ولم نسمع أنهم حوسبوا على تلك الاتهامات الباطلة بدليل أنهم رددوها مرات متعددة. كثرت تلك الاتهامات بعد الأحداث المأساوية التي أعقبت الإبادة الجماعية التي مارسها ولا يزال بشار الأسد ضد الشعب السوري تدفعه لذلك أحقاد طائفية مقيتة، ووقتها وقفت المملكة مع عدد من الدول العربية وغيرها مع مطالب الشعب السوري المعتدلة والمحقة، وبعد أحداث العراق الأخيرة وما سبقها وأدى إليها من ممارسات الطائفي المالكي كان للمملكة موقف معتدل من هذه الأحداث أعلنت عنه مرارا، لكن هذه المواقف سواء ما كان منها في سوريا أو في العراق لم يرض القادة الإيرانيين الذين كانوا ولا زالوا يرون أنهم وحدهم من له الحق في إدارة كل الأحداث في العراق وفي سوريا وكأن هاتين الدولتين جزء لا يتجزأ من أملاك إيران!! لا أظن أنني أو غيري بحاجة إلى عقد مقارنات بين ما قامت به إيران في تلك الدولتين وبين ما قامت به المملكة؛ فالمملكة قدمت بعض المساعدات العينية والمعلنة كما قدمت دعما دبلوماسيا كبيرا يحقق الأمن للشعب السوري، أما بالنسبة للعراق فموقفها معروف لا يتعدى إنكار الأسلوب السيئ الذي يدير به المالكي العراق، أما إيران فقد دخلت بقضها وقضيضها في البلدين، أرسلت المال والمقاتلين والسلاح لكلا البلدين، كما أعلنت رسميا ومرارا أن ما يجري في سوريا يعد مسألة حياة أو موت بالنسبة لها!! وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة لسوريا فهو أكبر من ذلك بكثير بالنسبة للعراق وهذا ما دعا إيران لإرسال مستشارين عسكريين كبار إلى العراق مباشرة لمساعدة المالكي، كما أنها أعلنت مباشرة عن استعدادها لإرسال المزيد من المساعدات إذا طلبها المالكي!! وإذا كان هذا هو الحال فمن هو الذي يقف مع الإرهاب ومن هو الذي يساعد الإرهابيين؟! الشيء الآخر الذي تتجاهله إيران أن المملكة أدرجت داعش ضمن المنظمات الإرهابية التي تحاربها، كما أنها جرمت كل سعودي يذهب للقتال سواء في سوريا أم في العراق، على الضد مما تفعله إيران ومن على شاكلتها الذين يدفعون رواتب لمن يقاتل في سوريا أو العراق!! ومرة أخرى من هو الذي يقف مع الإرهاب في هذه الحالة؟!! الشيء الجديد والأسوأ في هذه الاتهامات والتي لم يتوقف صدورها هذه المرة من رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية وتوجهها هذه المرة إلى حدث داخلي بحت مع مصاحبته بتهديد مبطن لبلادنا، فالجنرال علق على حكم قضائي على أحد الذين خططوا وشاركوا في أحداث الإرهاب الطائفي. من الغريب أن يتدخل عسكري إيراني في حكم قضائي سعودي، ومن الأغرب أن يوجه تهديدا مبطنا لبلادنا من جراء هذا الحكم، والسؤال: هل يقبل هذا الجنرال أن تتدخل المملكة في أحكام القتل الجماعية والتي تنفذها إيران كثيرا ضد الاحوازيين؟! وهل يقبل أن تتحدث المملكة عن المعاملة القاسية التي يتعرض لها الاحوازيون من السلطات الإيرانية؟! ثم هل يعتقد الإيرانيون أنهم الأوصياء على الشيعة في هذا العالم؟ وهل القضاء السعودي إذا أصدر حكما قضائيا على مواطن ارتكب جريمة تصبح المملكة ممارسة للإرهاب؟ هذه حماقة ما كان ينبغي أن ينجر إليها هذا العسكري أو سواه. المملكة حاربت الإرهاب منذ سنوات ولكن حربها عليه لا يتنافى مع وقوفها مع مطالب الشعوب العادلة فهذا حقها، وكم كنت أتمنى من إيران أن تفعل الشيء نفسه فتكون عادلة مع غيرها وأن لا تبتعد كثيرا عن محيطها السني ولعلها تتخذ قرارا حكيما يقودها إلى توافق مع محيطها العربي والإسلامي ليكون الجميع في وضع أفضل مما هم عليه الآن.