أكد رئيس الحكومة العراقية السابق الدكتور إياد علاوي، أن ما يحصل في العراق حاليا من فوضى واقتتال ليس بالمستغرب بل سبق وحذر منه، إلا أن حكومة المالكي تجاهلت هذه التحذيرات ما أدى لسقوط العراق لمستنقع الاحتراب الطائفي، مشيرا إلى أن تدخل إيران في العراق من شأنه أن يزيد من العنف وأن يوفر حاضنة مساعدة لنمو قوى التطرف والإرهاب ونمو الحرب الطائفية. وطالب علاوي في حوار أجرته «عكاظ» بضرورة وضع خارطة طريق لإنقاذ العراق، داعيا إلى الإسراع بتشكيل حكومة عراقية انتقالية وكف يد إيران عن التدخل في العراق وإجراء انتخابات نزيهة بإشراف دولي. وفيما يلي نص الحوار: ماذا يحصل في العراق ومن يتحمل المسؤولية؟ الذي يحصل في العراق متوقع وأنا حذرت مرارا وتكرارا قادة الدول، وفي الإعلام، في أحاديثي وحواراتي مع جميع الأطراف العراقية، أن الطائفية السياسية وتداخلات بعض البلدان الإقليمية في طليعتها إيران ورفض المصالحة الوطنية من قبل المالكي، هي التي أدت إلى زيادة العنف والاحتراب الطائفي، وتوفر أجواء حاضنة أو مساعدة لنمو قوى التطرف والإرهاب، سواء كان إرهابيا من القاعدة وامتداداتها أو من الميليشيات المسلحة، كما أنني تناولت مع أوباما في حديث تلفوني مطول، في شهر تشرين ثاني من عام 2010، من أن الفرصة التي تحققت بفوز القائمة العراقية يجب أن لا تضيع وإن ضاعت فمستقبل العراق في خطر داهم، وأخبرته كذلك بأننا نعلم أنكم (الولاياتالمتحدة) وإيران ضد استلام القائمة العراقية للحكم لكن الشراكة الوطنية الكاملة والمتكافئة يجب أن تتحقق، والمصالحة الوطنية الحقيقة يجب أن تحصل، شارحا له الآليات لتنفيذ ما ذكرت، وقد وافق على ذلك في حديثنا التلفوني، إلا أنه لم يستطع أن يلتزم بضماناته وضمانات سفارته في بغداد، وما يحصل الآن يدور في ثلاثة محاور خطيرة، الأول نتيجة البيئة السياسية التي خلقتها تصرفات الحكومة ورئيسها في العراق من طائفية سياسية وتهميش وإقصاء واجتثاث وإبعاد، أدت إلى تصاعد قوى التطرف كما وأضيف لها ما يحصل في سوريا ولبنان والانتقال كذلك إلى العراق، وأضيف لها ضعف المجتمع الدولي والتخبط الأمريكي ودور إيران المربك والمستمر في التدخل بشؤون العراق، وهكذا أخذت داعش المنشقة عن القاعدة تنمو وتترعرع والحكومة مشغولة بملاحقة القوى السياسية العراقية وكيل الاتهامات الباطلة لها، وبمحاولات حاقدة لإلصاق تهم الإرهاب والنزاهة والمخبر السري بخصومها. الثاني هو الحراك الجماهيري الواسع والسلمي والذي ابتدأ في 25/2/2011 بعد أقل من عام على تشكيل هذه الحكومة، التي أدت أو تكاد أن تؤدي بالعراق إلى الدمار وأن هذا الحراك مستمر لحد اليوم من دون أن تبذل الحكومة جهدا في الاستماع حتى إلى المطالب السلمية لجماعات الحراك الشعبي، مما أدى إلى أن يأخذ بعضهم السلاح بسبب مواقف الحكومة العاجزة التي رفضت وترفض الاستماع إلى أي نقد. الثالث هو الانتخابات المزيفة في عام 2014 واغتصاب السلطة قبل ذلك في انتخابات عام 2010 وعدم وجود حكومة كاملة، ولإنعدام الثقة بمن يدعون وجود ديمقراطية ساهم في إيصال العراق إلى هذا الحال للأسف. طالبت المملكة بوقف سياسة الإقصاء في العراق وبتشكيل حكومة وطنية، كيف تنظر إلى هذا الموقف؟ إن المملكة عبر قيادتها الحكيمة لطالما وقفت مع الشعب العراقي في الظروف الصعبة، والمملكة حريصة على وحدة وسيادة وسلامة وأمن العراق وما هذا الموقف إلا تعبير صادق على هذا الحرص على مصير العراق ودماء العراقيين، فالشعب العراقي لا يمكنه أن ينسى المواقف الكبيرة للمملكة سواء في عهد صدام حسين البائد أو خلال الاحتلال الأمريكي أو بعده، وأي موقف تتخذه المملكة تجاه العراق إنما ينبع من مكان حرص الأخ على أخيه، وشخصيا علاقتي بالمملكة هي علاقة احترام وتقدير ولطالما هذه العلاقة كانت مستهدفة من الذين لا يحبون أن يتقارب العربي من العربي والمسلم من المسلم. إذن ما هو المطلوب من المجتمع الدولي في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ العراق؟ مطلوب من المجتمع الدولي إيقاف إيران عن التدخل، وإرسال بعثة أممية نزيهة من قبل مجلس الأمن وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي للإشراف على انتخابات نزيهة، بعد أن تحل مفوضية الانتخابات الحالية والتي لم تكن بمستوى المسؤولية، وتشرف هذه الهيئة الأممية (الأممالمتحدة) مع القوى السياسية العراقية والقانونية على ترتيب القضاء، ومساعدة اللاجئين والنازحين وإجبار الحكومة (كعضو في الأممالمتحدة) على دعمهم وتعويضهم، وأن تجري مراجعة حقيقية ملزمة للتجاوزات على حقوق الإنسان، ودعم العراقيين على ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة عراقية انتقالية لإنقاذ العراق، وأن نبدأ بتحقيق مصالحة وطنية ناجزة وإقامة حكومة شراكة وطنية حقيقة، وإجراء انتخابات نزيهة خلال عام ونصف من دون المفوضية المستقلة للانتخابات الحالية. هل تعتقد أن الجيش العراقي الحالي قد انتهى، وكيف يمكن ترميمه؟ الجيش العراقي لا يمكن أن ينتهي أو أن نقبل بهذه المقولة، ما حصل مع الجيش تتحمل مسؤوليته الحكومة والقيادة السياسية، أما الجيش فمن الممكن ترميمه بعد إزالة الميليشيات منه، وبنائه وفقا لعقيدة وطنية لا ميليشياوية، فهو جيش أبي وطني ومجرب في الأوقات العصيبة. هل تخشى على العراق من تدخل عسكري إيراني؟ إيران تتدخل في العراق منذ زمن بعيد فهي موجودة بكافة مفاصل العراق وتدخلها الآن يحصل بشكل غير عسكري وإنما ميليشياوي، ومن خلال نفوذها الواسع والذي توافقت معه أمريكا وتركت العراقوسوريا ولبنان إلى إيران. هل يمكن القول إن الحرب الطائفية بدأت في العراق؟ هي موجودة منذ أن تركت أنا رئاسة الوزارة، واليوم أخذت طابعا أعنف انعكس على تفكك الجيش والأجهزة الأمنية كما يحصل، والعراق يعيش هذه الحرب منذ عدة سنوات ولا إنقاذ له إلا عبر حكومة إنقاذ ومصالحة وطنية، وعبر التأكيد على أن العراق هو لكل أطيافه تحت سقف القانون والقانون وحده، وأن خيرات العراق لكل العراقيين بعيدا عن سياسة التهميش والإقصاء.