سئل سقراط يوما: ما فائدة الفلسفة، فأجاب : هذا سؤال فاسد !، وكان بوسعه وهو الفيلسوف أن يخوض في الإجابة فيبرهن ويدلل ويقنع، إلا أنه أوصد الباب باكرا دون ما بدا له أنه حمق من السائل وفساد عقل. وأعتقد أن هذا النهج في الإجابة هو بالضبط ما يحتاجه الكثير ممن يتصدى للفتوى من علمائنا ومشايخنا عبر نوافذ وقنوات الفتوى المختلفة إزاء بعض الأسئلة التي يتضح جليا أنها إما أن تكون أعدت للتسلية وهدر الوقت والتندر بصاحب الفتوى أو أنها تفصح عن نقص عقل فادح ربما يحسن معه إعادة النظر في صحة أن يكون السائل في جملة المكلفين!. وعلى سبيل المثال فسؤال عن حكم أكل الصائم للعلكة لا يمكن أن يكون مسألة فقهية يفصل فيها المجيب فيبيح ويحرم ويعدد أنواع العلكة وما كان منها محلى بالسكر وما كان بغير سكر إلى آخر تلك التفاصيل التي يعرف معها المستمع الحصيف أي فساد عقل تضمنه السؤال، وأي براءة ينقاد بها بعض المفتين للرد على مثل تلك الأسئلة التي هي السبب المباشر في كثير مما جرى تداوله من فتاوى غريبة ومسائل دوى بها الصدى ووضعت مصداقية ووعي طائفة من أهل الفتوى على المحك، وإلا فهل يعقل أن يمسك الصائم عن سائر المفطرات والمباحات ثم لا يشكل عليه من كل ذلك إلا العلكة أتجوز أم لا تجوز، وهل يعقل أن يظل صاحب مسألة عويصة في طلاق أو معاملة مال، أو دماء ينتظر دوره في السؤال بينما المفتي يفصل في أحكام مضغ اللبان أو أكل لحم البطريق أو نفر من لحم الجن على الفحم، فإن لم تكن هذه ولا تلك فأحكام المداعبة والتي يروج السؤال عنها في هذا الشهر عادة وتكاد تكون الإجابة معروفة لدى السائل سلفا ولكن ليطمئن قلب شهريار إذ لم يطق صبرا عن شهرزاده ولو في نهار الصيام، فضلا عن النمص وحكمه الذي ما شغل أهل الفتوى بمثله ولا أجابوا عن شيء أكثر من إجابتهم عنه.. إن الوعي بمصائد الفتوى واستدراجات بعض السائلين وحمق كثير من الأسئلة أمور في غاية الأهمية وضرورة مثلما أن العلم الشرعي ضرورة لمن يقعد للفتوى والانقياد لكل سؤال لن يخرج ببرامج الإفتاء عن دائرة التبيان في أحكام مضغ اللبان !.