ينتشرون في الطرقات وبالقرب من الإشارات المرورية والأسواق التجارية وحتى الميادين العامة، وهنا يدور الحديث عن جحافل المتسولين الذين يجوبون مدن وقرى منطقة جازان هذه الأيام خاصة مع قرب شهر رمضان المبارك، حتى يخيل للمرء أنه أمام معادلة مفادها أن لكل مواطن متسول. والغريب أن وراء كل متسول حكاية، وجميعهم ينسجون قصصا وحبكات لا ستدار العطف، أطفال ورجال ونساء من مختلف الأعمار، بعضهم يحمل أوراقا وآخرون يبتكرون عاهات زائفة أو مستدامة، ورغم أنه ليس للمتسولين مواسم بعينها ينشطون فيها، إلا أنه في شهر رمضان المبارك تتزايد أعدادهم بشكل ملحوظ، في الشوارع والأسواق والمجمعات التجارية، أطفال ونساء وكبار السن، وجوها وملامح إذا دققت فيها تجد أنك صادفتها من قبل وهي تمتهن التسول. «عكاظ» التقت أحد الأطفال المتسولين في أحد شوارع جازان، ومن جنسية عربية، عمره لا يتجاوز الحادية عشرة، ملامح البراءة اختفت من وجهه تستوقفه فيركض نحوك، تسأله عن اسمه، عندها تشعر أنه صدم بالسؤال ويجيب بتثاقل اسمي عبده، جئت إلى هذا الموقع قبل شهر، دخلت إلى المملكة متسللا مع عدد من أقاربي. تسأله عن الحصيلة من التسول في اليوم الواحد، فيقول إنها تتراوح بين 150-200 ريال أنا وزميلي الآخر، يشير إلى أحد الأطفال القريبين منه، ومن كثرة الأسئلة عليه شعرت أن صبره بدأ ينفد قالها بصراحة أسئلتك كثيرة هل ستعطيني أم أبحث عن غيرك، وعلى تقاطع أحد الشوارع تقف عدد من النساء الوافدات حيث تتخذ كل منهن إشارة خاصة بها لاستعطاف العابرين وتجمع ما يمكن جمعه من نقود من شروق الشمس حتى ساعات متأخرة من الليل، حيث يمنع القانون الذي يطبق بينهن تجاوز إحداهن على موقع الأخرى. هذه الظاهرة السيئة تثير استياء المواطنين الذين تزعجهم مشاهد الأطفال وهم يضحون بطفولتهم لمصالح عصابات تسول إجرامية بحسب حديث عمر حكمي الذي قال: «حين تخرج إلى الشارع لا تخطو عيناك المتسولين أطفالا ونساء وكبار السن»، وأضاف «عدم وجود آلية واضحة لمكافحة التسول في المنطقة، وتساهل الجهات الأخرى لضبط الحالات وإنهاء مثل هذه الظواهر الدخيلة ضاعف عددهم في الشوارع». ويعتقد المواطن جبران معشي، أن المواطن يعد المسؤول الأول حتى قبل الجهات الحكومية الأخرى، لأنه يساهم في تفشي الظاهرة بتقديمه الأموال لهذه الفئة -على حد قوله-، مبينا بأن المواطن إن أراد التصدق فالجهات كثيرة ولا تخفى على أحد، وهذه الجهات تضمن له وصول أمواله لمستحقيها، بدلا من إنعاش موسم التسول خاصة نحن نقترب من شهر رمضان المبارك. إلى ذلك، كشفت إحصائيات التسلل عبر الحدود الجنوبية، أن أعداد المتسللين تصل إلى ثلاثة آلاف يوميا، يمارس 50 في المائة منهم التسول بمجرد وصولهم إلى قرى المنطقة، بينما يصل عدد المقبوض عليهم في المنفذ الحدودي نحو 80 ألف شهريا.