لا تزال ظاهرة المباني القديمة الآيلة للسقوط والورش العشوائية تثير لغطا كثيرا بسبب شكلها الذي لم يعد يتلاءم والوجه الحضاري للمدن والمحافظات، ولما تشهده من تقدم كبير على صعيد النهضة العمرانية التي غيرت واجهاتها وجعلت منها تحفة معمارية رائعة خلال سنوات قصيرة، وأغلب هذه الورش تتمركز في مداخل ومخارج المدن لتنقل صورة معكوسة عن واقع التنظيم والتخطيط السليم، خاصة أن معظم هذه الورش تنقل نطاق عملها إلى خارج محيط الورش، لصيانة وإصلاح الشاحنات الكبيرة، علما بأن عمل هذه الورش يستمر إلى ساعات متأخرة من الليل مما استدعى الحاجة إلى طلب ترحيلها خارج النطاق العمراني وإغلاق المخالف منها. (عكاظ) وقفت ميدانيا على هذه الورش، وتتحدث إلى المتضررين من سكان الأحياء القريبة وكذلك المسؤولين في البلديات وعدد من أعضاء المجلس البلدي للوقوف على حقيقة الوضع، وكانت البداية مع عدد من السكان ومرتادي الورش المتواجدة على مداخل الأحياء في منطقة نجران، الذين بينوا أن الحاجة باتت ملحة لتواجد مثل هذه الورش في ظل بعد المنطقة الصناعية عنهم، خاصة أن البعض من كبار السن غير قادرين على إصلاح السيارات في أماكن بعيدة، وطالبوا بتنظيم عمل هذه الورش وإنشاء أماكن مخصصة بعيدا عن النطاق العمراني. وقال المواطن سالم اليامي، إن هذه الورش تعتبر قريبة بالنسبة لنا، لذا نراها ضرورية وتخدم شريحة لا بأس بها من المواطنين خاصة كبار السن الذين لا يستطيعون إصلاح مركباتهم في المنطقة الصناعية البعيدة نسبيا، ومع هذا نرى من الضروري تخصيص مواقع خاصة بعيدا عن مداخل الأحياء حتى لا تتسبب في إزعاج السكان، ويوافقه الرأي سالم آل عباس ويقول: تواجد ورش السيارات في الأحياء ضرورة ملحة خاصة لإصلاح الأعطال الصغيرة والبعض لا يملك قيمة السطحات لنقل المركبة. وأجمع أعضاء المجلس البلدي بمحافظة ظهران الجنوب على ضرورة التحرك السريع لمواجهة خطر ظاهرة العشوائيات المتمثلة في المباني القديمة الآيلة للسقوط على مداخل المدينة ومخارجها التي يتخذها البعض ورشا لإصلاح المركبات، وحذر رئيس المجلس البلدي عوض أحمد آل فرحان من خطر هذه الورش على سلامة العمال الذين يتخذون منها سكنا، وقال: التحرك بعد وقوع الكارثة غير مجد، وأقر المجلس البلدي في المحافظة وضع تعديل لواجهات الورش وتنظيمها. وفي جولة ل(عكاظ) على بعض الأماكن التي توجد فيها مثل هذه المساكن الآيلة للسقوط، تبين أن بعضها باتت تشكل مخاطر كبيرة على سكانها نظرا لطبيعة سقف بعض الغرف التي هي عبارة عن غطاء من الخشب وجدران من اللبنات، وأجمع العديد من سكان المنازل المجاورة لهذه الغرف المتهالكة على أنها باتت مصدرا رئيسيا للحشرات والقوارض وتهدد المساكن القريبة ليلا، مطالبين البلدية والجهات المختصة الأخرى بتخليصهم من هذا الكابوس الذي يشكله بقاء مثل هذه المساكن بين العمارات السكنية الراقية. وانتقد بعض سكان العمارات خروج العمالة الوافدة القاطنين في تلك البيوت بملابس غير لائقة وتجمعهم أمام المحال التجارية في الشارع العام، مما يسبب ضيقا كبيرا لمن يسكن في تلك المناطق، كما أن الورش أصبحت مكانا لتجمع العمالة ولا تلبي الاشتراطات الصحية، وذكر رئيس بلدية ظهران الجنوب المهندس محمد أحمد عسيري، أن قسم الرقابة في البلدية يعمل على قدم وساق ولوحظ تحسن الكثير وذلك بعد صدور قرار إلزام العمال بالعمل مع الكفيل، كما تم تكليف أصحاب المحلات بتجميل واجهات محالهم ب (الكلادينج) ولن يكون هناك تجديد رخص لتلك المحلات إلا بوضع الواجهة المتفق عليها. وقال المواطن محمد صالح، إنه من غير المقبول أن تظل مثل هذه البيوت المتهالكة تقبع بين المباني الحديثة وتتوسط الأحياء الراقية، ويضيف «بقاؤها بهذا الشكل يشكل صدمة حقيقية للمشاهد وللسائح على وجه التحديد»، وتابع «ما نشاهده من تكدس لبعض العمالة الآسيوية في هذه البيوت والمبنية من الطين لا يسر أحدا، أضف إلى ذلك أن هذه البيوت لم تعد آمنة لتقادمها وربما تسقط في أية لحظة». وطالب صالح، بإلزام ملاك هذه الأراضي التي ما زالت تحتضن مثل هذه المباني بإزالة هذه البيوت القديمة والشروع في استثمارها وفقا للمخطط العمراني للدولة، أو يتم إجبارهم على بيعها لرجال الأعمال القادرين على استثمارها وبنائها بما يتلاءم والوجه العمراني لمحافظة ظهران الجنوب، لافتا إلى أنه ما زال عاجزا عن فهم ترك البلدية لمثل هذه الأماكن التي تشوه مظهر الأحياء السكنية الراقية، منتقدا في الوقت نفسه ملاك تلك الأراضي الذين يرضون بالقليل الذي يدفعه لهم العمال مقابل بقائهم في تلك البيوت، مع العلم أنه لو تم استغلالها من جديد وبناء عمارات سكنية عليها فسيكون مردودها أكثر على أصحابها أو جعلها كآثار وتنظم بالشكل المناسب لاستقبال السياح. وانتقد عدد من سكان مدينة تبوك، ورش السيارات ومحلات الأثاث المنزلي المنتشرة بشكل عشوائي على أكتاف مدخل المدينة الشرقي (طريق المدينةالمنورة) وطالبوا بإغلاقها ونقلها إلى المنطقة الصناعية، ونوه المواطنون أن المدخل يقع على طريق دولي للقادمين للمرور إلى المدينةالمنورة ومكة المكرمة، مشيرين إلى أن الداخل لمدينة تبوك مع ذلك المدخل يعتقد أنه داخل للمنطقة الصناعية. وقال المواطن عبدالرحمن العنزي «مدينتنا جميلة، وتتميز بمعالم حضارية كثيرة، إلا أن القادم إليها عبر المدينةالمنورة يصدم بفوضى انتشار ورش السيارات ومحال بيع السجاد، ما يستدعي تدخل الجهات المختصة العاجل لنقل تلك المحلات إلى أماكنها المخصصة لها»، فيما طالب المواطن عادل الشعلاني أن تستغل تلك المواقع في بناء استراحات وحدائق للأطفال، مشيرا إلى أن الداخل لمدينة تبوك من ذلك المدخل يصدم بما يشاهده من عشوائية في تلك الأماكن، في حين يرى المواطن محمد الجوني أن وجود تلك الورش بهذا الشكل يدل على وجود عشوائية بالرغم من أن مدينة تبوك مميزة بجماليات في الداخل إلا أنه لا بد أن يكون المدخل أكثر تنظيما وأكثر جمالا من خلال استغلال تلك المقرات بمبان حكومية وحدائق وتحف وغيرها. وانتقد عدد من مواطني منطقة الباحة، انتشار الورش الصناعية في مداخل ومخارج المدينة، ووصفوه بغير المرضي وغير المناسب ولا يخدم أصحاب الورش أنفسهم، فضلا عن كونه يشوه المنظر العام والوجه الجمالي للمدينة، وطالبوا الأمانة والبلديات العمل على إيجاد منطقة صناعية مناسبة تجمع كافة التخصصات، بعيدا عن النطاق العمراني ولا تلحق أضرارا صحية أو بيئية على حد قولهم. وأوضح ل(عكاظ) المواطن عبدالله رافع الغامدي، منسق البيئة في منطقة الباحة، بأن وضع الورش بهذا الشكل يدعو للاستغراب، وقال «هذا الوضع لا يسر ولا يرضي أحدا، وعلى الجهات المعنية سرعة التحرك لنقل هذه الورش خارج النطاق العمراني في أسرع وقت ممكن، حفاظا على نظافة البيئة وإنهاء معاناة سكان الأحياء القريبة». وأضاف «تحدث الورش الصناعية في موقعها الحالي ضوضاء لا تنقطع على مدار الساعة، والجميع يشكو من أضرارها، ورغم مطالبات الأهالي المتكررة لم نر أي تحرك جدي من الجهات المعنية لنقلها إلى موقع آخر بالرغم من الوعود المتكررة بذلك». وأشار الشاب فارس بركات الغامدي، إلى شروع أمانة المنطقة في إنشاء مدينة صناعية تمهيدا لنقل الورش، ويضيف «المشروع متعثر منذ عام تقريبا، وأيضا هناك معارضة من أصحاب الورش أنفسهم على المدينة الصناعية الوليدة التي يتم إنشاؤها حاليا في حي بني سار، لصغر مساحة الموقع وأيضا لصغر مساحة محال ورش السمكرة ولا تستوعب أعداد السيارات التي يتم إصلاحها» وقال «أصحاب الورش يفضلون مساحات كبيرة تتماشى مع نشاطهم». وبين الغامدي، أن أصحاب الورش يحرصون على مصالحهم، لذلك يعترضون على نقل الورش إلى خارج المدينة، فالموقع الحالي قريب من وسط البلد ويمكن الوصول إليه بسهولة، أما من يتضرر من وجودها فيؤكد كذلك على مصالحه فهو يعاني من الضوضاء والضجيج المستمر ليل نهار كما يقول. وقال المواطن رجب محمد مسفر الزهراني إن الورش التي تقع في مدخل مدينة الباحة أو بلجرشي أو المخواة أو المندق تشكل عبئا وتشوه المنظر الحضاري للمنطقة ومحافظاتها فتجد أشكال وأنواع السيارات التالفة تشوه الشوارع لعدم وجود مساحات كافية داخل الورش تتسع لاستيعابها، فتجدها على الأرصفة، فضلا عن الزيوت والأصباغ المتسربة على الأرصفة والطريق العام. إلى ذلك، أوضح ل(عكاظ) رئيس بلدية محافظة المخواة المهندس سعيد غرم الله الزهراني، أن البلدية بصدد سفلتة وتجهيز منطقة صناعية جديدة لنقل الورش إليها عقب طرحها على أحد المستثمرين لتجهيزها، ومن ثم نقل الورش إليها خلال عام من الآن، وقال «هذه الخطوة هدفها تنظيم المداخل والمخارج للمحافظة». ولا يزال جزء كبير من المنطقة الصناعية بمحافظة أحد رفيدة يعاني فوضى وتكدس المركبات التالفة على الأرصفة وذلك على مساحات واسعة، علاوة على غياب التنظيم والترتيب وقال ل(عكاظ) المواطنان عبدالله الشهراني وعبدالله هيف أن على الجهات المختصة مسؤولية التكدس التي تشهدها المنطقة الصناعية، إضافة إلى عدم تكملة الأرصفة التي توقفت في أجزاء مختلفة، وأوضحا أن غض النظر عن الفوضى والتكدس وتراكمها بشكل ملفت وغير حضاري لا يزال على حاله منذ فترة طويلة. وأضافوا: ساهم سوء التنظيم وعدم وجود الرقابة المستمرة في مخالفة القرارات الصادرة بتنظيم المركبات المهملة والتالفة والمتروكة في الشوارع وبالقرب من ورش الصيانة لتي تشوه المنظر العام في غياب كلي لتطبيق لائحة العقوبات التي تنص على هذه القرارات. وطالبوا الجهات المختصة بالتدخل العاجل والسريع وتشكيل لجنة عاجلة لزيارة المنطقة الصناعية ومشاهدة الفوضى وعمل تنسيق مشترك بين بلدية المحافظة والمرور. بدورهما بين كل من عبدالرحمن حويل وفهد مانع، حاجة المنطقة الصناعية ومعارض السيارات المجاورة إلى مركز للشرطة والدفاع المدني، نظرا لآلاف المواطنين والمقيمين الذين يقصدون المنطقة بصفة يومية، مؤكدين أن ذلك من أولويات المطالب التي تتحدث عنها الألسن منذ سنوات ولكن دون جدوى - على حد قولهما.