نشرت مقالا سابقا وتركت خاتمته معلقة بالسؤال العبقري التالي: «هل صحة أجسام الحمير والبغال زادت من عقولها؟!» هذ السؤال التقريري الذي طرحه خطيب الجمعة في مسجد بالمنطقة الشرقية مستهلا به عرضا مفصلا لما سماه «بحثا علميا» يتضمن نتائج اكتشافاته البحثية (الطبية الفسيولوجية النفسية التربوية الاقتصادية الاجمتاعية) التي تدعم اعتراضه على مجلس الشورى حين شرع في دراساته لإقرار التربية الرياضية بمدارس البنات. السؤال في حد ذاته إعجاز، بدليل أني نقبت ولم أعثر على أي دراسة تدلني على ماهية العلاقة بين صحة جسم البغل وحجم عقله، وما إذا كانت العلاقة طردية أم عكسية. كما أنني لم أوفق في العثور على ما يوضح وجه الشبه بين أجسام وعقول البغال وبين أجسام وعقول البنات بينما خطيبنا «العالم» خلص في بحثه إلى أن خصائص النمو الحيواني تتطابق مع خصائص النمو الأنثوي فسؤاله الاستنكاري المفحم يعني تحديدا وتصريحا أنه، قياسا على الحمير والبغال، إن مارست البنات الرياضة واستصحت أبدانهن فلن يغير ذلك من نقص عقولهن، ويبدو جليا أن نتائجه العلمية غير المسبوقة هذه أهلته بكل استرخاء وبلا حرج أن يعتلي المنابر ويقارن البنات بالبغال أمام الملأ. فما هو المطلوب منا الآن حيال هذا الإنجاز العلمي الذي خلط بين الموازين البشرية والحيوانية بسبب التربية البدنية! هل المطلوب منا في القرن الواحد والعشرين أن ننسف تراكم العلم ونسفه ما توصلت له نتائج الدراسات العالمية للمتخصصين الذين تتصاعد إثباتاتهم قرنا بعد قرن لتغطي قرص الشمس في ضرورة ترسيخ عادة الرياضة وجعلها نظام عيشة وتعايش! هل المطلوب منا أن نكذب النتائج التربوية التي تؤكد بأن التربية البدنية في المدارس تنمي المهارات والقيم الإيجابية ولها دور كبير في بناء وتعزيز الثقة والاندماج الاجتماعي عند الأطفال والشباب وتجعل من المدرسة مكانا أكثر جاذبية وتجعل من المحيط المدرسي أكثر تقبلا! هل المطلوب منا أن ندهس علم وخبرة الأطباء الذين يقولون إن التمارين الرياضية تقلل مستوى الاستروجين عند النساء، وبالتالي تقلل من احتمال الإصابة بسرطان الثدي وتقوي العظام وتمنع الهشاشة وتدعم جهاز المناعة وتخفف من الضغط النفسي والشعور بالاكتئاب.. وتزيد من متعتنا بالحياة وتمنحنا القدرة على الحركة بنشاط وان مزاولة التمارين الرياضية في سن مبكرة عامل أساسي في تقليص نسبة الإصابة بالأمراض مستقبلا! أم المطلوب منا أن نؤمن ونؤمن على خطبة فضيلته في مقارنة البنات بالحمير والبغال!