ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قصة الأحمق المطاع الذي حين يشهر سيفه تشهر ألف ذراع سيوفها دون أن تدري ما سبب تجريد أحمقهم سيفه، الحماقة نقيض الحكمة، وإشكالية الأحمق تكمن أحيانا في المحيطين به كونهم يتحمسون له بحمق أكبر، ولعله لا تخلو بعض مؤسساتنا الإدارية من نماذج حمقى ترى أن المنصب حق مكتسب لا أمانة وقتية لذا تقع منهم تجاوزات مورطة، وفي موروثنا أن أحمق صفع حكيما فأعطاه الحكيم ريالا من فضة، فظن الأحمق أن كل إساءة ستدر عليه فضة حتى وقع في أحمق مثله ما إن صفعه حتى بادره بسلة الجنبية وبتر أنفه ليقضي بقية عمره موسوما وسم الحمق، فيما يؤكد القرآن الكريم أن من أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا، ويروي ابن المقفع في كتاب كليلة ودمنة أن الأسد خرج في نزهة مع الذئب والثعلب، وأثناء التجوال في فجاج الأرض ظفروا بأرنب وخروف وثور، فقال الأسد أقسم الغنيمة أيها الذئب، فقال الذئب: الأرنب للثعلب والخروف لي، والثور لك، فلطمه الأسد بمخالبه وإذا بالذئب يتشحط في دمه، ثم قال: اقسم يا ثعلب، فقال الثعلب: الأرنب إفطارك، والخروف غداؤك، والثور عشاؤك، فأعجبت القسمة ملك الغابة وسأل أبا الحصين من أين تعلمت هذه القسمة العادلة، فرد الثعلب: من هذا الطريح جواري، ولذا تداول الناس الحكمة الذائعة «العاقل من اتعظ بغيره»، بعضنا مع الأسف يحصر الحياة على وسعها في مساري (نصر أو هزيمة) ولذا يتحمس للانتصار لنفسه والهروب من الهزيمة فيقع في الحماقات، بينما يظل الحكماء في راحة كونهم يوقنون أن الدنيا قسمة ونصيب وأن هناك ظروفا موضوعية تتسبب في الفشل كما هناك معطيات تسهم في النجاح، والحكمة أن نحاول التغلب على الظروف وتجاوز الصعوبات بهدوء وعقلانية ودون تعسف في توظيف ما يظنه البعض قدرات، إذ ليست السعادة دائما في أن نحقق ما نريد.