إعداد: صالح شبرق حتما سينتابك الذهول من الوهلة الأولى عند دخولك لمعرض الفنانة التشكيلية سامية خاشقجي «مشي مشي» زخارف، تراث، حضارة، كل تلك المعاني الجميلة تعيدنا إلى تاريخنا الجميل إلى زمن الآباء والأجداد. انطلقت الفنانة من زخرفة الشخوص بشكل عام وأثرت ثقافتها البصرية في مسقط رأسها أبها لتدخل علم الجمال اللوني المليء بعبق الزمان والمكان في لوحتها الأكثر تعبيرا وراحة للنفس البشرية، وربما تخصصها في عالم الديكور وربطه بفنون عالم التشكيل اللوني أضفى على لوحاتها جمالا مختلفا تارة تجدها تركز في لوحاتها على الإرث الثقافي للزخارف الإسلامية بشكل عام، وتارة أخرى تجدها متعمقة في ذكريات وروايات الزمن الماضي في حواري جدة ومكة القديمة، حيث الحب كان حاضرا، والوفاء كان مسيطرا بعيدا عن ما يجري حاليا في العالم من أحداث دامية، إنه الفن الأصيل الذي بدا جليا في لوحاتها لتتقاسم بروحها جماليات المكان، ولتخرج معرضا فينا اقتنيت جميع أعماله في يومه الأول، ما يدلل على أن سامية فنانة لها بصمة وأثر قوي في المشهد التشكيلي السعودي، وربما أن الفنانة لا تجيد تسويق نفسها بالقدر الكافي، كما يفعل العديد من هواة التشكيل الذين يطلقون على أنفسهم (فنانون)، ولكن ما شاهدناه ليلة افتتاح المعرض يدلل على أنها فنانة احترمت فنها ووظفته توظيفا سليما، لتفرض بأعمالها فقط إعلاما حضاريا يعي ويفهم ما يعرض، بعيدا عن المجاملات والعلاقات الشخصية مع الإعلام. معرض «مشي مشي» للفنانة سامية خاشقجي هو معرضها الشخصي الثاني، إلا أنها اختصرت المسافات طرحا وفكرا، وتجاوزت في مفهوم العرض الراقي العديد من المعارض التشكيلية التي نراها اليوم لا تحمل سوى تكرار للوحات وجمود فني مرفوض. في المعرض تجد جرأة في الطرح وأسلوبا فنيا جديدا مزجت بين التشخيص الواقعي والتجريد الزخرفي بمهنية عالية لوحات تعد كلاسيكية المظهر تاريخية المغزى، تروي العديد من الأفكار المقتبسة من موروث الثقافة السعودية، ولا سيما التراثية والشعبية منها في قالب لوني أقرب إلى الحداثة اللونية، ويتنقل المتلقي بين لوحات الفنانة بمساحات مختلفة وفراغات وملامس وخامات عديدة ونقوش إسلامية متقنة زادت من متعة المتلقي في زيادة ثقافته البصرية اللونية. سامية خاشقجي أسست مجموعة سعوديات للفنون التشكيلية، تخرجت من قسم هندسة التصميم الداخلي من جامعة كيننيجستون في بريطانيا، تقول الفنانة «لكي تكتمل الحركة الفنية بالمملكة والنهوض بها عالميا لا بد من أن يتسع الإدراك بوجوب مساندة الفن وتكريس الجهود للنهوض به ودعمه، سواء داخل المملكة، من حيث وجود صالات عرض مهيأة لذلك، أو خارج المملكة باعتباره صورة تمثلنا ورسالة مشرفة راسخة توصل رؤيتنا وثقافتنا كفن سعودي عربي مسلم».