يدرك العقلاء حقيقة عدم التعلق بالمناصب كونها تتغير باستمرار، ولا تدوم لأحد، وهو ما يتطلب توقع ردود أفعال الآخرين تجاه كل من ترك منصبا اختير له لكفاءته، أو استمات حتى يصل إليه! وقد تتفاوت بيئة وظروف العمل في المنظمات على اختلاف أهدافها وأنشطتها؛ لكنها تتشابه في طريقة تعامل منسوبيها مع مديريهم ورؤسائهم التي تكاد لا تخرج عن إطار المصلحة الشخصية غالبا، والمصلحة العامة على نحو أقل، ويظهر ذلك في شكل علامات يلحظها كل من يترك المنصب باختياره، أو يتركه المنصب عنوة. ولعل من أهم هذه العلامات التي يشوبها كثير من الواقعية، وشيء من الطرافة ما يلي: 1 - تغير طباع أصدقاء المنصب، وطريقة تعاملهم، وانفضاضهم عمن ترك منصبه فور انتهاء مصلحتهم الشخصية. 2 - قلة الاتصالات والرسائل النصية، ورسائل WhatsApp والتي كانت تتوالى قبل ترك المنصب كالسيل المنهمر، وخاصة أيام المناسبات، والجمع، والأعياد، وأحياناً بدون مناسبة. وهو ما يجعلك تعتقد بأن الهاتف، والجوال قد توقفا عن العمل! 3 - اختفاء عبارات الإطراء والمجاملات الرسمية، مثل: وفق توجيه سعادتكم، القائد الملهم، المدير الفذ، سعادتكم أحسن مدير مر على الإدارة.. وغيرها من العبارات الوقتية التي يتشدق بها أصحاب المصالح الشخصية دون قناعة! 4 - اختفاء الدعوات الرسمية، وغير الرسمية لقص الأشرطة، وافتتاح وتدشين اللقاءات والندوات والمعارض. 5 - تحول ولاء وتزلف المنتفعين نحو المدير الجديد. 6 - اختفاء طلبات الواسطة لاعتقاد أصحابها بأنك لم تعد تجد نفعا لهم ولمصالحهم. 7 - توفر المزيد من الوقت للتفرغ لقضاء المصالح الشخصية، والزيارات العائلية. 8 - اختفاء هدايا ومنح المنتفعين التي تقدم لصاحب المنصب بحجة «تهادوا تحابوا»، لكنها في الحقيقة تقدم لأغراض ومصالح شخصية. 9 - قلة المناسبات والولائم، وما يترتب على قلتها من تحقيق خفة الوزن والرشاقة خلال أسابيع من ترك المنصب! 10 - ندرة التواصل والزيارات المنزلية من قبل أصدقاء المصلحة الذين كانوا يختلقون الأعذار للحصول على عنوان منزل صاحب المنصب، أو المشاركة في الصلاة بمسجده! * كلمة أخيرة: يبالغ الواهمون بالحديث عن إنجازاتهم حتى وإن لم يكن لها وجود، بينما يترك العظماء أعمالهم لتتحدث عنهم.