النفخ المتتالي في أبواق المديح والضرب على أوتار النفاق المغلف بآيات الإعجاب والذي تطالعنا به من وقت إلى آخر بعض الزوايا اليومية المكتوبة على أطراف بعض صحفنا المحلية اصابنا بالملل من تواجد تلك الزوايا وغشيت اكبادنا من عبارات سطورها غثيان مستمر فتلك الزوايا لاتحوي بين سطورها الاّ تلميعاً مصطنعاً واطراءاً متعدياً ومسحاً متكلفاً لجوخ باهت. كل ما تحويه تلك العبارات المنمقة والمليئة بصفات الاعجاب وآيات التمجيد لا توجد الاّ في خيال من يكتب تلك الزوايا. تذكرت وأنا اكتب مقالتي هذه عن المداحين بيتاً من الشعر للنابغة الذبياني يقول فيه: إذا المرء لم يمدحه حُسنُ فِعاله فمادِحه يهذيِ وإن كان مُفصِحا فالممدوح لم ترتق فعاله للأوصاف والمدائح التي خُلعت عليه والمادح مصاب بهذيان محموم ظاهره اعجاب نقي وباطنه تزلف واستجداء ومحاولة لتحقيق غاية مقابل الوصول لطرف مائدة الممدوح والتقاط بعض الفتات منها. لم تعد تخفى على القرّاء هذه البرمجة من الهراء الفاضح والتي اصبح فيها الكيل الفائض من المديح بالقناطير المقنطرة وحتى الآن لم يع اولئك المداحون ان كتاباتهم اصبحت نكتة المجالس واستهزاءاً بثقافتهم الملونة بألوان قاتمة. كتب احدهم موّالات من المديح لشخصية تقلدت منصباً جديداً ولم يكن لهذه الشخصية ما يشفع لها من انجاز في منصبها السابق ولا منصبها الجديد لقصر المدة لكن صاحبنا الكاتب عصر مداد قلمه فتقاطرت كلمات الثناء عليه وتراقصت بين سطور مقالته آيات الاعجاب بانجازاته السابقة واللاحقة حتى يُخيل لمن يقرأ تلك السطور بان تلك الشخصية اتت بما لم تأت به الاوائل وفعلت الاعاجيب والسبع الصنائع. لقد مسح صاحبنا جهود وانجازات من سبقوا تلك الشخصية في منصبه الجديد بعد ان طوّع هواه. عيب على من يدعي انه كاتب تسخير قلمه للتزلف وفتح نوافذ زاويته لسطور النفاق والاستجداء تدخل من خلالها ولا ضير ان يمتدح كاتب انساناً آخر تشفع له اعماله فيكون المدح في محله بعيداً عن مسالك التملق والتزلف والنفاق لكن تكون زاوية يومية يقرأها الكثير من القراء مزماراً لصاحب تلك الزاوية ينفخ فيه من حين لآخر فتصدر منه اصوات تزعج الآخرين فذلك امر مستهجن ومرفوض ونقول لكل من ينقش زخرف القول في زاويته تملقاً ان بضاعتك خاسرة وان ازارك سقط وعُرف ما تحته وامسح قلمك بمناديل الصدق لعل ما علق فيه يندثر. ومضة: يُسمى شريراً كل من لا يعمل إلاّ لمصلحته الذاتية