ونحن في الذكرى التاسعة للمرحلة التي يقودها عبدالله بن عبدالعزيز يجد الناس أسبابا وجيهة جدا للاحتفاء بهذا القائد ومرحلته، أسباب تتجاوز المنجزات المادية والنهضة القائمة على سطح الأرض إلى ما هو أهم وأعمق وأبلغ أثرا وتأثيرا، متمثلا في الإنجازات الإنسانية التي تحققت للمجتمع وجعلته يشعر فعلا أنه قفز باتجاه المستقبل مسافة طويلة وزمنا بعيدا في فترة تعتبر قصيرة جدا في عمر المراحل التي تقطعها الأمم. لقد فتحت هذه المرحلة منذ بدايتها آفاقا جديدة للشعب السعودي، وأدخلته عصرا مدهشا، وجعلته يتآلف مع مفاهيم لم تكن في قاموسه أو واقعه. لقد دشنت هذه المرحلة مصطلحات الحوار، الشفافية، النزاهة، المال العام، المكاشفة، المحاسبة، الحقوق، حوار الأديان، حوار الحضارات، التواصل الثقافي مع الشعوب، إرسال أكثر من 150 ألف سفير إلى كل بلدان العالم باختلاف ثقافاتها ومدارسها العلمية ومناهجها الفكرية والفلسفية، إزاحة الحجب الثقيلة التي طمرت المرأة وانتقصت مكانتها وإنسانيتها وقدراتها، إعادة الاعتبار لقيم إنسانية واجتماعية رائعة كاد يطمسها التشدد والتنطع، الاقتراب الحميم للحاكم من الشعب، وتأكيده العفوي الصادق أنه منهم وإليهم، وأن مهمته وواجبه خدمة شعبه دون من أو فضل، إعادة كثير من المسؤولين المتعالين إلى وضعهم الطبيعي بتأكيده الدائم عليهم أنهم ليسوا سوى خداما للشعب. معان وقيم إنسانية بالغة الروعة دشنها هذا الإنسان الملك، والملك الإنسان، بقناعة متناهية نابعة من إحساس عظيم ومختلف بمعنى المسؤولية تجاه وطن وشعب يطمح أن يراه في مصاف الأوطان الرائدة في العالم. سنوات تسع تغير فيها كل شيء بشكل لا يمكن لراصد أن يصدقه لو لم يكن يعيش هذه المرحلة. ببساطة شديدة، وعفوية أشد أجمع الشعب على اختيار «ملك القلوب» وصفا لعبدالله بن عبدالعزيز، فهذا الحاكم الحازم، والفارس النبيل، والقائد الملهم والحاسم في كل الأمور، جعلته إنسانيته ينزل إلى الشارع، ويخالط الناس البسطاء، ويشاركهم بعض تفاصيل حياتهم، لتلمع الدمعة في عينه إذا رأى بؤسا وشقاء، وتشرق الابتسامة على محياه في لحظة الفرح والبهجة. هكذا هم العظماء، وهذا هو سر عظمتهم. هذه هي التفاصيل التي قد لا يعرفها الكثير خارج الوطن، ولو عرفوها لعرفوا أهم الأسباب التي جعلت هذا الإنسان يتربع على عرش القلوب قبل عرش الحكم. أما الإنجازات المادية في كل مجال فإنها لا تحتاج إلى حديث لأنها تتحدث عن نفسها في كل اتجاهات الوطن، وما هي إلا نتيجة للبعد الإنساني والمكنون الحضاري في شخصية قائد استثنائي، للوطن كل الحق في رفع أكف الدعاء له بموفور الصحة، والسداد والتوفيق.