أكد عدد من أصحاب الصالونات الثقافية والأدبية بالمنطقة الشرقية، أهميتها في اكتشاف الطاقات الفكرية الجديدة والمواهب الأدبية والكوادر الفنية، وإبراز القدرات التشكيلية وغيرها من المجالات، بالإضافة إلى دورها الحيوي في تحريك المياه الراكدة، وإعادة الحيوية للحركة الأدبية، وإنعاش الواقع الفكري بالمملكة، فضلا عن دورها في عملية تواصل الأجيال، ونقل الثقافة إليها. وأشاروا خلال أمسية أدبية أقيمت في نادي المنطقة الشرقية الأدبي مساء أمس الأول، إلى واقع الصالونات الثقافية ودورها في نشر الوعي الثقافي، والتي جرى تنظيمها على هامش الاحتفاء باليوم العالمي للكتاب، وشارك فيها الدكتور محمد العلي صاحب منتدى الثلاثاء، والمهندس جعفر الشايب مؤسس منتدى الثلاثاء الثقافي، وفؤاد نصر الله صاحب منتدى حوار الحضارات، بحضور رئيس النادي خليل الفزيع وعدد من أعضاء النادي وعدد كبير من الحضور. وفي البداية، قدم عريف الأمسية الشاعر محمد الدميني نائب رئيس النادي الأدبي، تعريفا عن ضيوف الأمسية، وبعدها تطرق كل ضيف إلى واقع الأندية والصالونات الأدبية، ثم تحدث جعفر الشايب مؤسس منتدى الثلاثاء الثقافي، فقال: إن ما يميز المنتديات الثقافية في المملكة كونها أهلية تطوعية، فيمنحها عن ذلك مستوى معين من الاستقلالية في اختيار مواضيعها وضيوفها حسب رؤية القائمين عليها، وتتميز بانتظامها طوال العام سواء كانت أسبوعية أو شهرية، مما يساهم في جعلها مصدرا ثابتا من مصادر المعلومات وصناعة الرأي. وأضاف الشايب: ومن خلال قراءة سريعة للمنتديات الثقافية في المملكة وأعدادها، فقد رصد الباحث سهم الدعجاني في كتابه المعنون «الصالونات الأدبية في المملكة» الصادر عام 1426ه، 39 صالونا ثقافيا وأدبيا في مختلف المناطق، بينما أدرك كتاب «المنتديات والأندية الأدبية في المملكة العربية السعودية» الذي نشر ضمن كتاب الاثنينية بجدة، 45 منتدى أهليا وذلك في عام 1430ه، وبالنسبة له فقد أحصى قبل أربعة أعوام 64 منتدى ثقافيا في مختلف مناطق المملكة. وعن أهمية المنتديات الثقافية، يرى الشايب أنها تساهم بصورة مختلفة في إطلاق حرية الرأي من خلال ما يصفه «سيتورات ميل»، والذي يؤكد على أن المجتمع الذي يطلق حرية الرأي والتعبير ويلغي القيود المفروضة على العقول، سوف يتقدم علميا واقتصاديا وسوف يزدهر ويكون أمة قوية وغالبة، وبالعكس فإن المجتمعات التي تقيد التعبير وتحدد نوع المعلومات المسموحة والممنوعة، سوف تبتلى بالهزال الفكري وسوف تبقى ضعيفة متخلفة تعتمد على الأولى وتتبعها في كل شأن من شؤون حياتها. فيما يعتقد صاحب منتدى الثلاثاء الدكتور محمد العلي، أن وجود المنتديات والصالونات الأدبية مهم جدا في المجتمع وخاصة في ظل الانفتاح الإعلامي الكبير، وتعدد الثقافات والشخصيات في المنتديات هو في الأخير يصب في مصلحة المجتمع والوطن. ويتابع: إن بداية منتدى الثلاثاء كانت في عام 1992م، بعد تحرير الكويت، وكانت النقاشات في البداية طبية وتحولت إلى متعددة، حتى أصبحنا الآن ومن خلال المنتدى نقوم بمشاريع خيرية وزيارات متعددة للمستشفيات وغيرها. ويضيف العلي: إن المنتديات الثقافية والأدبية في كل مناطق المملكة هي بمثابة الرافعات الثقافية والأدبية وهي الوعاء الحاضن للمثقفين والأدباء وفرصة لتداول الأفكار والمعارف التي توفر للأجيال من المثقفين والأدباء فرصة التعبير والاحتكاك مع الآخرين. فيما يؤكد صاحب منتدى حوار الحضارات فؤاد نصر الله، أن المنتديات الثقافية التي انتشرت في بلادنا منذ عدة عقود من الزمن، واستطرد: ولا شك أن المنتدى الثقافي جاء استجابة لنقص ملحوظ في الإقبال على الأنشطة الرسمية التي تتصف في بعض حالاتها بالبطء أو قلة الحركة أو عدم استيعابها للمتغيرات الحادثة في الساحة ومحدودية تأثيرها. ويؤكد نصر الله، أن كثيرا من المنتديات الأدبية والثقافية أقيمت منذ وقت طويل، هربا من روتينية النشاط الرسمي، فقبل حوالي قرن من الزمان، شهدت بعض العواصم العربية كالقاهرة مثلا ميلاد أهم صالون ثقافي في تاريخها الحديث، عندما قررت الأديبة مي زيادة تأسيس صالونها، الذي ظل لأكثر من ربع قرن منارة ثقافية تجتمع فيها رموز الفكر والأدب والفن والصحافة أسبوعيا كل ثلاثاء، وصالون العقاد، الذي كان يعقد يوم الجمعة من كل أسبوع، ومن رواده الكاتب أنيس منصور الذي سجل أهم الأحداث والأفكار التي طرحت فيه من خلال كتابه «العلامة»، وهي صالونات تجتمع فيها النخب الثقافية وحدها. وهو ما حدث في العواصم العربية الأخرى كدمشق وبغداد وبيروت وتونس والدار البيضاء. وعن أبرز النقاط التي يمكنها أن تثري المنتديات الثقافية في المملكة، يختصرها نصر الله في الآتي: تعد المنتديات الثقافية فرصة سانحة لاكتشاف الطاقات الفكرية الجديدة والمواهب الأدبية والكوادر الفنية وإبراز القدرات التشكيلية وغيرها من المجالات، أن تحدد المنتديات الأدبية خطة معينة للارتقاء بالأداء الفكري فلا تقتصر فقط على إبداء وجهات النظر لأعضاء المنتدى من أفكار بل لابد أن يتعدى الأمر ذلك لاستجلاء نقاط الاتفاق والاختلاف في قضايا مصيرية بهدف نفض الغبار عنها، يمكن أن تلعب المنتديات دورا متزايدا في المساهمة في تقريب وجهات النظر في القضايا الخلافية، أن يعاد الاعتبار للثقافة الشفاهية التي اختفت أو تكاد من حياتنا بجانب الثقافة المكتوبة والمبثوثة في بطون الكتب والمجلدات.